بات واضحا أن السياسة اللبنانية تدور رحاها، هذه الأيام، على رمال متحرّكة، وعجزت الإستشارات النيابية، أن تتفق علي اسم رئيس الحكومة المكلف بتشكيل الحكومة « سمير الخطيب»، حيث أُطيح بالخطيب، لتعود الأمور إلى نقطة الصفر، وعاد إسم الحريري إلى الواجهة. وبينما يرى مراقبون في بيروت، أن رئيس الحكومة المستقيل «حكومة تصريف الأعمال حاليا”، سعد الحريري ، يحاول قضم المكتسبات من فريق الأكثرية النيابية بطريقة هادئة وبطيئة، مستغلاً الكثير من المعطيات ومنها حركة الشارع، والضغط الإقتصادي الحاصل، وغيرها من أوراق القوة التي إحترق بعضها وبقي البعض الآخر فاعلاً. وهكذا يبدو أن ما يجري في لبنان هو « مبارزة على سطح سفينة تغرق» بحسب تعبير غسان شربلن رئيس تحريرصحيفة الشرق الأوسط اللندنية الحكومة لا تزال «عالقة» الحكومة الجديدة، أو حكومة الإنقاذ، أو حكومة التكنوقراط، كما يطالب المتظاهرون داخل الشوارع والميادين اللبنانية، لا تزال «عالقة» في أنفاق الطبقة الساسية، وقد أصاب الجمود المشهد السياسي العام في لبنان، عقب تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة، بعد إعلان سمير الخطيب الانسحاب من المشهد السياسي والسباق على رئاسة الحكومة. وعلى الرغم من أن الاتصالات لا تزال مستمرة، للوصول إلى صيغة اتفاق قبل يوم الإثنين المقبل، إلا أن الأنظار تتجه الى مواقف الكتل التي ستبدأ بالصدور تباعاً للاعلان عن وجهة نظرها السياسية في موضوع الاستشارات وتسمية رئيس الحكومة المقبلة. عودة الانسداد السياسي وكشفت مصادر سياسية بارزة ومعنية بالاتصالات والمشاورات المتعلقة بالمأزق الحكومي، عن عودة الانسداد السياسي إلى ما كان عليه غداة استقالة حكومة الحريري، وربما أكثر خطورة لأن مرور مزيد من حرق الوقت يرتب على البلاد مزيداً من التداعيات المالية والاقتصادية والاجتماعية وخصوصاً مع تفاقم غير مسبوق لإغلاق مؤسسات التجارة والسياحة والانتاج في القطاع الخاص، الأمر الذي ينذر بكارثة في نهاية السنة الجارية، بحسب تأكيد المصادر في تصريحات لصحيفة النهار اللبنانية. وما يثير المخاوف هو أن يترسخ القصور السياسي عن إيجاد مخرج يخترق جدار التعقيدات التي تتكرر مع كل «هبة» لتكليف شخصية تأليف الحكومة بما بات يعكس معطيات تتجاوز الأبعاد الداخلية للأزمة إلى الخارج الإقليمي والدولي، وهو أمر ليس لمصلحة البلاد إطلاقاً ويهدد بربط الأزمة باستحقاقات وصراعات إقليمية. الطريق إلى الانهيار الكبير وأخطر ما في المشهد اللبناني حاليا، بحسب صحيفة «اللواء» اللبنانية، أن لا اتصال ولا لقاءات بين الرؤساء، لا سيما رئيسي الجمهورية والحكومة، اللذين يتسابقان على إدارة ملف لبنان في مؤتمر مجموعة الدعم الدولية في باريس، الخميس المقبل، في وقت، بدت الطبقة السياسية ممعنة في الإفلاس، في أسبوع التأجيل الأوّل، وبعد مرور ستة أسابيع على استقالة الرئيس الحريري، وعشية مؤتمر باريس، وكأن لا حاجة ملحة لمعالجة المشكلة، التي تُهدّد بالمضي في البلد إلى الانهيار الكبير. عودة الحريري للواجهة وبعيدا عن نبض الشارع اللبناني ومطالبة، وفي إغفال تام لمطالب الحشود من المحتجين المتظاهرين منذ يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كشف مصدر رفيع مطلع على موقف «الشيعيان»، حزب الله وحركة أمل، وقال المصدر لصحيفة اللواء، إن هذا الموقف محدد بضرورة تسمية سعد االحريري رئيساً للوزراء، وبزعم أن ذلك سيعزز شرعية حكومة تصريف الأعمال التي يقودها الحريري إذا تأجل تشكيل الحكومة الجديدة، وأنه من غير المفروض أن تتأخر عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وإذا تأخرت يكون في شرعية أكبر لحكومة تصريف الأعمال.الشكوك في مواقف وتصرفات الطبقة السياسية طالت الجميع حتى أن السيول والفيضانات التي ضربت لبنان أمس يراها البعض من فعل الطبقة السياسية لقهر المظاهرين، وعلى هذا الأساس شككت الإعلامية اللبنانية، كارلا حداد، في أسباب الفيضانات التي أغرقت الطرقات اللبنانية، وقالت، في تغريدة عبر حسابها الخاص على تطبيق «تويتر» : “ليش السنة عم بتطوف بكل المناطق اللبنانية؟ أنا عندي إحساس في لعبة مش نظيفة من ورا هالشي! في نية مخفية و السبب الحقيقي مش واضح..” !! «أنا والحريري جوا .. أو أنا والحريري برا» ويتردد داخل الدوائر السياسية والإعلامية في بيروت، أن هناك تزكية واضحة وواسعة لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الذي إقتنع منذ فترة بأن لا حكومة من دون «حزب الله»، وتالياً لا حكومة تكنوقراط بل تكنوسياسية، وحاول إنتزاع بعض المكاسب السياسية، وأن الحريري لا يمانع العودة إلى ترؤس الحكومة، ولكن دون توزير جبران باسيل “وزيرر الخارجية في الحكومة المستقيلة وصهر الرئيس ميشال عون”، والعقدة اليوم هي عقدة توزير باسيل، أي أن المعادلة التي وضعها باسيل «أنا والحريري جوا.. أو أنا والحريري برا»، لا تزال سارية لدى هذه القوى، لذلك فإن العقدة لا تزال مستحكمة. ويُقال أن حجة الحريري في الإصرار على رفض إعادة توزير باسيل، هي الإشارة إلى رفضه توزير أسماء مستفزة للشعب المنتفض منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وهو يضع جبران باسيل على رأس اللائحة، ثم يضم إليها من حزب الله «علي حسن خليل» وآخرين. الحريري الأوفر حظا لتشكيل الحكومة ورغم الأجواء الملتبسة والغموض داخل المشهد السياسي، فإن الحريري لا يزال هو الأوفر حظاً لترؤس الحكومة بعد التطورات الأخيرة، ومن ضمنها انسحاب مرشحين اثنين، واحتراق أسماء أخرى قبل تبني ترشيحها فعلياً. وترتفع تلك الحظوظ بفعل عوامل عدة، بينها بيان المهندس سمير الخطيب من «دار الفتوى» الذي أشار إلى إجماع سُنّي على الحريري، فضلاً عن اجتماع باريس المزمع عقده الخميس المقبل، ورغم أن الاجتماع تنسيقي، ولا نتائج فورية له لحل الأزمة الاقتصادية، لكنه يعطيه دفعاً قوياً في مؤشر على الثقة الدولية بالحريري وبعلاقاته التي يمكن استثمارها لإنقاذ الوضع الاقتصادي من التأزم.وترى الدوائر السياسية في بيروت، أن جولة المشاورات الجديدة ستكون حاسمة هذه المرة، وهو ما دفع رئاسة الجمهورية لمنحها وقتاً حتى الاثنين المقبل، وهو موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة…بينما أكدت القيادات السنيّة الأساسية، أنه لا مرشّح لترؤس الحكومة الجديدة سوى الرئيس سعد الحريري ،معطوفة على موقف المرشح المنسحب المهندس سمير الخطيب بتزكية الحريري.. وهكذا فإن الثابت «أن الكرة عادت إلى ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيل: ميشال عون والحريري». .
مشاركة :