عبد اللطيف الزبيدي هل تدرك مراكز البحوث والدراسات، العربية، كيف يطلق النظام البيئي هجمة مرتدّة يستعيد بها الحياة، بعد تعرضه لدمار شامل يجعله أرضاً يباباً؟ ببساطة، علينا أن نتعلم من الطبيعة ما تفعله لمواجهة التحديات الساحقة، بفضل قوانين فلسفة الطبيعة، لنقل التجربة إلى البيئة الجيوساسية البشرية، بفضل قوانين فلسفة التاريخ.قبل وجود الإنسان بمئات ملايين السنين، شهدت بيئة الكوكب كوارث ماحقة: براكين تُجري أنهاراً من الحمم، كويكبات مثل ذلك الذي أدى إلى انقراض الدناصير، صواعق تحدث حرائق تحيل الغابات إلى صحارى وقفار. حين أطلّت الطلائع العاقلة في مجتمعات الثدييات العليا، كانت ثورات غضب الطبيعة الجبارة قد هدأت نسبياً، في انتظار أن يرثها الذكاء البشري فيصنع ما هو فظيع شنيع. في كل ماضي الأرض، منذ 4.6 مليار سنة، لم يمتلك الكوكب في يوم من الأيام قوة تخريبية كافية للقضاء عليه بضربة قاضية، تشبه القوى الانشطارية والانصهارية، التي هي رهينة «كبسة أزرار» لدى جبابرة العصر النووي. مجموع القنابل الذرية ينسف الحياة ألف مرة.قبل تعريب القضية، ماذا يفعل النظام البيئي بعد انسحاقه؟ يجمع المتناثرات التي فيها بذور حياة، بتعبير نزار: «وفي الزوايا بقايا من بقاياه»، ينفخ فيها روح الإرادة، فتنشأ أجيال أصلب عوداً وأشد بأساً. لا توجد آثار أحفورية تدل على أن الأرض احتضنت قبل الدناصير مخلوقات تفوقها عملقة. هذه عاشت مئتي مليون سنة. لا يهمنا سيناريو الانقراض. المهم هو أن الطبيعة أعدت برنامجاً محكماً ومخططاً بإتقان يعجز العقل عن تصوره، لاحتضان كائن يجعل عملقة الدناصير أضأل من بكتيريا. إنه الدماغ البشري الذي سيغير مفاهيم المادة والزمان والمكان.حين تحدث الكارثة البيئية الطاحنة، يجمع النظام البيئي الشتات، يغتنم الأمطار لإحياء النبات، والرياح في اللقاح، فتنبعث الحياة من الموت. يحدث ما صوّره بإبداع فيلم: «الأرض بعد الإنسان». هل فكّر المفكّرون العرب في هذه التجربة الطبيعية الرائعة التي مضى على اختباراتها الناجحة أكثر من نصف مليار سنة؟ كيف هبّ فينيق اليابان من رماد هيروشيما وناجازاكي؟ كيف تعملقت الصين؟ كيف عادت ألمانيا كأنها لم تدمّر؟ هل روسيا اليوم تشبه روسيا التي دمّرها بونابرت وهتلر؟في استعادة النظام البيئي العربي حياته بعد الكوارث غير الطبيعية، يمكن زرع ألف حلم: قاعدة تعليم رفيع يقوم عليها بحث علمي عربي يصير قوة جاذبة للعقول المهاجرة، ذلك كفيل بإحياء تربة الأدمغة جميعاً.لزوم ما يلزم: النتيجة القياسية: تعطيل الأدمغة أكبر دمار شامل في الأمم. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :