بنى الله عز وجل دين الإسلام على خمسة أركان، وجعل الحج أحدها، إذ هو حق لله تعالى على المسلم المُكلَّف في ماله وبدنه مرة في العمر كله، قال الله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)، فمن هيأ الله تعالى له القدرة في ماله وبدنه وجب عليه أن يُبادر ويسارع، وأن يتعجل قبل حلول الأجل، فإنه لا يدري ما الذي يَعرِض له، وما الذي ينتظره في قابل الأيام. إنَّ عبادة الحج من أعظم الشعائر التي تتجلى فيها معالمُ عظمة الإسلام ووسطيته وسماحته ووحدة أبنائه وقوتهم أمام أعدائهم من شياطين الجن والإنس، حتى إن الله عز وجل ليباهي بهم أهل السماء عشية عرفة وهم في صعيد واحد، فيقول: «هؤلاء عبادي أتوني شعثًا غُبرًا»، فما أعظم ذلك الاجتماع الذي جعل هؤلاء البشر على اختلاف أجناسهم يأتون إلى تلك المشاعر مهللين مكبرين ملبين نداء ربهم سبحانه، راجين ثوابه والسلامة من عقابه! يا من لم تُؤدِ فريضة الحج وكنتَ مستطيعًا قادرًا عندك الزاد والراحلة، ها هي قد ذُللت لك الصعاب، فلا تبخل فإن الله سيخلفك خيرًا: صحة في جسدك، وبركة في مالك وأجرك؛ وكيف لا تبادر إلى ما فيه المغفرة والبركة ومحو الذنوب؟! ففي الحديث الصحيح: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»، كيف لا تبادر ونبيك عليه الصلاة والسلام يقول: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، ويقول: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد»؟! أيها المسلم المبارك! إن كتب الله لك الحج هذا العام فأوصيك ثم أوصيك بتعظيم حرمات الله تعالى، واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم القائل: «خذوا عني مناسككم»، ولا تنسَ لأهل الفضل فضلهم ممن يسروا وسهلوا الوصول إلى تلك البقاع بكل راحة وسكينة، فبلاد المملكة العربية السعودية بذلت الغالي والنفيس في خدمة الحجاج والمعتمرين على مدى سنوات طويلة فاجعل لها نصيبًا من شكرك ودعائك، وإياك ثم إياك وأولئك المغرضين الحاقدين الذين ينتهكون حرمات الله ويسعون في الأرض مفسدين، ويتخذون من موسم الحج غرضًا لخدمة الأعداء وإثارة الفتن ونشر الأكاذيب وإلحاق الأذى بقاصدي البيت العتيق الذين أتوا من كل فج عميق، وكفى ردعًا وزجرًا وذمًا لهؤلاء قول الله تعالى: (ومن يُرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم). ] محمد بن مطهر كليب
مشاركة :