صديقة ابنتي كانت تتسوق مع ابنتها ذات الثلاثة أعوام، وبجانبها رجل عربي وطفله يقارب ابنتها سناً، عبث الطفل بما تصل له يده الصغيرة، فما كان من الأب إلا أن تناول مكنسة ضخمة وهوى بعصاها على رأس الصغير.. صرخت السيدة (حرام عليك خف من الله بالولد) فرد صرختها بأعلى منها (وانت مالك) .. تقول صمتُ، وأنا مالي، بل كيف اتصرف أمام هذا الوضع وأنا أعلم انه في يوم 27/8 2013م ، أقر مجلس الوزراء نظام (الحماية من الإيذاء) لكني أجهل كيف أتصرف، وهل انادي اقرب شرطي، بل وأين أجد أقرب شرطي .. وهل أضمن شهودا معي على الواقعة، استسلمت لمنطق (وأنا مالي).. وأكملت مشواري .. وهذا قد يحدث لنا جميعا كيف يمكن ان نتصرف، وكيف تكون الحماية من الإيذاء فرض عين لا كفاية؟ خاصة ونحن نرى فيما حولنا يعتبر الإيذاء نوعا من التربية .. وأحيانا يغلف بالتأديب .. وقول: ما ضرنا وقد قسا أهلنا من قبل علينا.. ولكن في قلوبنا ندوب بقيت .. أعود لآلية التصرف وآلية الحماية.. بل وثقافة الحماية من الأذى، وممكن أن تكون من أبجديات الأسرة .. وثقافة عامة لدى الجميع مبنية على أساس قيمة الفرد وحق الاختلاف.. في مقالات لي ولغيري كثيرة عن الأذى والحد منه قبل صدور النظام بسنوات.. وضعنا الكثير من الأمور ضمن الإيذاء للطفل، ومن ذلك التهاون بالتطعيمات، وما ينتج عنه من أمراض لا سمح الله، ورغم أن آلية استخراج شهادة الميلاد والتسجيل في سجل الأسرة تتطلب ذلك إلا أن هناك تهاونا وليس هناك عقوبة.. من ضمن الإيذاء أيضا عدم استخراج الأوراق الثبوتية للطفل وبالتالي حرمانه من حقه بالتعليم في وقته المحدد.. ناهيك عن الإيذاء البدني والطرد من المنزل وما حصل للصغار من ضياع.. وقد شهدنا أثناء عملنا في الشؤون نماذج كثيرة أدى أحدها إلى وفاة طفلة عجزنا عن إنقاذها لاننا لم نجد مساندة حكومية وقتها.. وضاعت فتيات بسبب الإيذاء سواء اللفظي أو الجسدي .. النظام الآن صار موجودا مع بعض الشروحات له، لكن يبقى هناك أماكن رمادية غير واضحة المعالم ومن بينها الأنظمة التي يجب ان تكون مساندهة للحد من ظاهرة الظلم الاسري أو المجتمعي.. مثلا هل ستكون هناك جهة رسمية منوط بها المتابعة والإبلاغ عن الأذى ؟ وما دامت الحكومة هي الضامنة، فهل معنى ذلك أن من واجب الأمن (الشرطة) التصرف ؟ وهل بعد معرفة المؤذي ومن وقع عليه الأذى ممكن تقويم المؤذي عبر دروس خاصة وتوجيه مكثف في العلاقات الاجتماعية والنفسية.. ؟وهل سيكون هناك مراقبة من زائرات وزائرين اجتماعيين مع تحديد الإقامة وخط سيره ؟ الإنسان العادي كيف يمكنه أن يبلغ عن الأذية سواء أكانت في المدرسة أم الجامع أم ضمن المجاورة . إذا كانت هناك حماية للمبلغ فكيف يصل لصاحب السلطة .. ورقم للتلبيغ ليس بكاف للحصول على نتيجة فورية .. وتسجيل للوضع قبل ان يتغير بفعل الزمن .. هناك نظم مرافقة وضرورية للحد من الإيذاء منها تغيير بعض الأنظمة المعمول بها حاليا، وخاصة فيما يتعلق بنظام الأحوال الشخصية. وحماية الصغار من العبث بهم وخضوعهم لرغبات الانتقام من الطرفين.. قد أكون قلت امورا وغابت عني أخرى، لكن نظام (الحماية من الإيذاء) هو مشعل في الطريق لينير الدروب المعتمة .. ويتحدى (وأنا مالي )، و(أنت مالك)..
مشاركة :