تمر اليوم 9 أغسطس، ذكرى ميلاد عالم النفس السويسري جان بياجيه الذي ولد في نيوشاتيل السويسرية في 1896. اهتم بعلم الأحياء وكان على قدر من الذكاء والعبقرية أهله ليكون محل تقدير وإعجاب.بدأ تجربة تأليف المقالات العلمية مبكرًا فقد كتب في الحادية عشرة من عمره "مقالا عن عصفور الدوري وأرسله إلى إحدى المجلات في نيوشاتيل". وأقبل على دراسة البيولوجيا والفلسفة والتحق بجامعة نيوشاتيل سنة 1914، وفيها حصل سنة 1918 على شهادة الدكتوراه في العلوم الطبيعية ببحث قدمه حول الرخويات. وبدل مواصلة الاهتمام بموضوع أطروحته اختار السفر إلى زيوريخ ومنها إلى باريس ليدرس علم النفس والتحليل النفسي على يد كل من بيار جانيه "1859 - 1947" وهنري بايرون "1881 - 1964". وفي سنة 1920 أصدر أول مقالة له في هذا الاختصاص حول التحليل النفسي وعلم نفس الطفل. وركز اهتمامه وأبحاثه في تطور الفكر عند الأطفال ونموه وتعمق في فلسفة المعرفة. وتتبع خاصة كيفية اكتساب الإنسان للمعرفة وطرائق تعلمها. وخلص إلى أهمية العوامل البيولوجية والسلوكية في النمو المعرفي عند البشر ومن هنا كان اهتمامه بعلم النفس.وتعد نظرية بياجيه من أهم النظريات في مجال النمو العقلي، ومن أكثرها شمولية وقدرة على تفسير هذا النمو العقلي عند الأطفال. ويعتبر بياجيه أول من أدخل مفهوم التوازن العقلي بوصفه من الأسباب الرئيسة للنمو العقلي. فالفرد قد يفقد توازنه نتيجة مواجهته مشكلة أو صعوبة تعجز خبراته السابقة والمحدودة عن حلها فيضطر إلى القيام بأنشطة منظمة وواعية لاكتساب معارف جديدة تتيح له تجاوز هذه المشكلة وحلها ومن ثم يستعيد توازنه. وتكرار الوضعية وتواترها بين التوازن وانعدامه يؤدي إلى تحقيق مستوى عال من القدرات العقلية وهذا هو سر النمو العقلي حسب بياجيه. وقد اعتمدت دراساته ومفاهيمه وتطبيقاته في المجالات التربوية بامتياز.ونظرية بياجيه عن التطور المعرفي تعتبر لحد كبير نظرية شاملة عن طبيعة الذكاء البشري وتطوره. حيث اعتقد أن لمرحلة الطفولة لشخص ما دورا حيويًا وفاعلا في تنمية الشخص، وتتعامل النظرية مع طبيعة المعرفة بحد ذاتها، وكيف يتقدم البشر تدريجيا في اكتسابها وبنائها واستخدامه. ومن وجهة نظره فإن التطور المعرفي ما هو إلا إعادة تنظيم تصاعدي للعمليات العقلية الناتجة عن النضج الحيوي والخبرات البيئية. واعتقد بياجيه أن الأطفال يؤسسون فهما وإدراكا حول العالم المحيط بهم كما يؤسسون خبرات متباينة بين ما يعرفونه أصلا وما يكتشفونه في بيئتهم، ثم يعدلون أفكارهم وفقا لذلك. وأيضا فقد ادعى أن التطور المعرفي يكون في وسط الكائن البشري، وأن اللغة تتوقف على المعرفة، وأن الفهم يكتسب من خلال التطور المعرفي. تلقى عمل بياجيه المبكر على أكبر قدر من الاهتمام. وقد شجع العديد من أولياء الأمور إلى توفير بيئة داعمة غنية لميل أطفالهم الطبيعي للنمو والتعلم. الفصول الدراسية المركزة للأطفال و"التعليم المفتوح" هي عبارة عن تطبيقات مباشرة في وجهات النظر. وعلى الرغم من نجاحه الكبير، فنظرية بياجيه كان لديها بعض القيود مثل نظريات أخرى.ومن أهم مؤلفاته: اللغة والفكر عند الطفل "1923"، الحكم الأخلاقي عند الطفل "1932"، نشأة الذكاء عند الطفل "1936"، تشكل الرمز لدى الطفل "1945"، علم نفس الذكاء "1947"، مقدّمة في نظريّة المعرفة الوراثية "1950"، وقد توفي بياجيه في 16 سبتمبر1980م.
مشاركة :