بعد الصدام الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ، وتصعيد الأمور من قبل الرئيس الأمريكي ، بات المشهد يطرح سؤلاً هاماً ، وهو هل يريد ترامب إسقاط أردوغان؟ أم سيكتفي بتقليم أظافره فقط ، حقيقة الأمر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستطيع تقليم أظافر تركيا الاقتصادية نعم وربما بترها ، ولكن إسقاطه هو أمر يتوقف على بوتين وحده لا ترامب. فإدارة الجانب الفني فى تلك المبارة العصيبة (ترامب/أردوغان) التى بدأت مع إيران وبسبب إيران، سيكون من نصيب بوتين لا أردوغان الذى بات يطلب من أمير الكويت أن يلقى له طوق النجاة عبر استثمارات ومساعدات اقتصادية ، بعد أن صارت الوضعية أفضل الآن لولد موزا أمام أردوغان ، بعد أن كان يتعمد الأخير إهانته فى كل اللقاءات وإظهاره بمظهر الخادم المطيع ، والآن تميم سيجلس على الكرسى لبعض من الوقت وأردوغان سيقف له. فالرئيس الروسي الآن بين أمرين ، الأول استمرار الوقوف مع حليف الضرورة والوقت (أردوغان) بعد أن التقطه قبل أن يسقط على الأرض ميتاً ، بعد أن حاول الأمريكي التخلص منه فى انقلاب منتصف تموز2016 ، وحينها ستكون تركيا وإيران ساحات خلفية للحرب الروسية الصينية على الدولار ، وحينها سيكون الأمر أشبه بتحالف دولي تتزعمه موسكو وبكين لمجابهة الدولار. أو الأمر الثاني وهو التخلي عن أردوغان الذى دوره فى سوريا عاد كعبء على موسكو قبل دمشق، بعد تعنت أردوغان ضد تقدم الجيش العربي السوري إلى إدلب ، واستمراره فى تكوين جماعات مسلحة إرهابية تحت مسميات مختلفة بشمال سوريا، لاقتطاع لواء اسكندرونة جديد. خلاصة القول مستقبل تركيا ليس بيد أردوغان ، ومستقبل أردوغان ليس بيد الأتراك ، ومستقبل الاقتصاد التركي ليس بيد ما سبق ذكرهم ، ويبقى المؤكد أن تركيا اليوم لن تكون تركيا التى بشر بها الاطلسي فى 2004 أردوغان ، بعدما رسموا خريطة للشرق الأوسط فيها ديار بكر عاصمة للشام والعراق ، واسطنبول تعود كخلافة ولكن على الطراز الحديث، فالشرق الأوسط لم يعد قديم ولكن يكون جديد (شرق أوسط جديد كما خطط الانجلوسكسوني). ونحن الآن نشهد مرحلة جديدة أكثر سخونة فى الصدام بين واشنطن وطهران من جانب ، وبين واشنطن وأنقرة من جانب آخر ، ولا يوجد أي تعجب على تمسك أردوغان الشديد بإيران ، فلو سقطت إيران ، تركيا ستحصلها فوراً ومن ثم قطر ، ولو سقطت تركيا ستفتح أبواب العواصف على إيران، وسينتهي أمر خادم القاعدتين الأمريكتين تميم بن حمد والثلاثون ألف جندي تركي بقطر فى الحال ، فالثلاث دول “تركيا، ايران، قطر” بأتون فى معادلة واحدة. ولا طريق لعودة الهدوء بين أنقرة وواشنطن إلا بعودة أردوغان إلى بيت الطاعة الأمريكي من جديد ، أو بالأدق عودة الخليفة العثماني أردوغان الأول لشخص أردوغان الذى تم إعداده وتصنيعه عام 2001، ونسيان شئاأسمه منظومة S400 الروسية أو HQ9 الصينية ، وتسليم القس الأمريكي المحتجز بتركيا دون شروط ، وعدم المطالبة مجدداً بتسليم الداعية فتح الله كولن المقيم فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية. وغير مستبعد أن يكون ما يجرى حالياً كان متفق عليه بين ترامب وبوتين فى قمة هلسنكي.
مشاركة :