خمس نجوم منحتها لرواية «هيا نشتري شاعرا» في الموقع الشهير قود ريدز، وهي أعلى علامة تعطيها في تقييم كتاب. كنت مستمتعة إلى آخر حدود الاستمتاع وأنا أقرأ الرواية، كان كتابا مدهشا بالنسبة لي. حين فتحت تقييمات الآخرين دهشت أن هناك أشخاصا اعتبروه أسوأ كتاب قرأوه في حياتهم. كثير من السخط والإحساس بتضييع الوقت. هناك شخص اعتبر أن إعجاب من عبروا عن إعجابهم بالكتاب ما هو إلا من قبيل الادعاء. هذه التقييمات هي التي جعلتني أفكر، إلى أي حد يختلف الناس في استقبال الأمور. وتساءلت: ماذا يجعل شخصا يعتبر كتابا ما سخيفا وتافها ويعتبره آخر عظيما ومدهشا، خصوصا أن شخصا منهم اختار الأشياء ذاتها التي أدهشتني كي يعبر عن عدم فهمه أو اعتبارها سخفا محضا. هل تراكمات القراءة ونوعها هما السبب؟ هل الروح وكيفية استقبال الأشياء هما السبب؟ في هذا الكتاب تحديدا أعتقد أن روح الفكاهة لدى الإنسان تلعب دورا كبيرا في كيفية قراءته واستيعابه. وأعترف، أن هذا التباين في ردود الفعل هو الذي جعلني أحاول الإجابة عن سؤال، كيف نقرأ كتابا؛ لأنني فقط منذ يومين وضعت تقييما سيئا لكتاب لم أجد فيه ما يبهرني أو يستفزني إبداعيا، بينما بقية القراء وضعوا له تقييمات عالية وعدوه كتابا خارقا من ناحية الاستبطان والرمزية وما إلى ذلك. الفرق بين الكتابين، أن الكتاب الثاني كان ثقيلا ومخيفا ومليئا بصور قاتمة وتشاؤم عال، لكن ليس هذا هو السبب أيضا؛ لأنني أتذكر أن كاتبة من المجر قرأت كل كتبها المترجمة للعربية كانت مخلوقة شديدة التشاؤم وكتبها مليئة بالحزن والشجن، وعلى الرغم من ذلك أسرتني وأحببت كتبها بدرجة خيالية. ربما الأسلوب. بالنسبة لي هو الأسلوب بالتأكيد. وربما حتى بالنسبة للآخرين. الأسلوب الذي أتقبله أنا والذي يجعل الكتاب في نظري خارقا وغير عادي هو الذي يجعل قارئا آخر يعتبره سخيفا ولا معنى له. في الوقت الذي أحببت فيه طريقة أفونسو كروش -الروائي البرتغالي الذي كتب هيا نشتر شاعرا- الساخرة وغير التقليدية في لفت نظر الناس إلى أهمية الشعر في حياتنا، لم تعجب هذه الطريقة الآخرين الذين لم يفهموا ربما ماذا تحديدا أراد الكاتب أن يقول. وسط هذا المجتمع المادي الخانق الذي ابتعد عن الشعر والفن وحول كل شيء إلى تجارة ومادة، كيف يمكنك أن تنبهه من غفلته، أن تلقي عليه محاضرة أو تكتب مقالا. كانت عبقرية الروائي أن يخلق هذا العالم بهذه الطريقة الخيالية، وأن يصبح شراء شاعر كما تشتري حيوانا أليفا، يسليك ولا يتعبك في التنظيف كما لو اشتريت رساما أو نحاتا هي طريقته لنعرف أهمية الشعر في حياتنا حتى لو تجاهلنا هذه الحقيقة. لا يزال السؤال من دون إجابة: كيف نختلف في قراءتنا للكتب إلى هذه الدرجة؟
مشاركة :