أبو عطايا الفلسطيني يحول قنابل الاحتلال إلى نباتات خضراء

  • 8/17/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي ينشغل فيه بعض الفلسطينيين بغزة في مواجهة قنابل الغاز ورصاص الاحتلال على طول الحدود الشرقية للقطاع، ينهمك المواطن أحمد أبو عطايا 45 عاما بجمع أنواع مختلفة من مخلفات قنابل الغاز التي يطلقها الاحتلال الإسرائيلي ضد المتظاهرين السلميين. كل يوم جمعة يذهب أبو عطايا إلى مسيرات العودة وله أهداف أخرى في نفسه غير التظاهر، إلى خيام العودة وفي منطقة ملكة شرق غزة تحديداً تجده دائم الوجود على كثبان الرمل وتحت أشعة الشمس خلف الجماهير المحتشدة وعيونه ترنو خلف جنود قناصة الاحتلال، إلى أراضيه التي هجر منها. يخالف كل المتظاهرين الذين يهربون من قنابل الصوت والغاز، ويتوجه بشجاعة نحو تلك القنابل لإطفائها ووضعها في كيسه الخاص الذي يحمله على ظهره، في مشهد غريب وغير مألوف. صاحب البشرة القمحية لاجئ من مدينة بئر السبع، سخر أغلب وقته منذ ما يزيد على 18 أسبوعاً لهدف واحد فقط، من بين الغازات السامة وصدى الرصاص ودخان الكوشوك ينشغل أبو عطايا في هوايته الجديدة، التي لا تخلو من المخاطرة، عائداً إلى منزله محملًا بالمئات من قنابل الغاز وبأحجامها المختلفة، وبأنواعها المختلفة سواء التي تطلق من سلاح الجندي الإسرائيلي أو من راجمة الصواريخ أو حتى من طائراتها. رسالة محبة وسلام أراد إرسالها للعالم للتأكيد بفكرة جديدة على سلمية المظاهرات فخلق من قنابل الغاز مسابح سلام، وعن هذا يقول: «جمعت خلال الفترة السابقة ما يقارب 2200 قنبلة غاز وضعتها في المنزل كتذكار على شكل مسابح بأعداد كبيرة جداً وهي فكرة لاقت إعجاب الأصدقاء والمقربين». وعن بداية الفكرة يقول: في البداية عندما قررت جمع قنابل الغاز أول مرة، لم أكن أضع في حسباني أن أصنع منها شيئًا، بل كان امتلاكها للذكرى فقط، وكي أُحدث أحفادي فيما بعد عن الحدث الذي صنعه الشعب الفلسطيني. ولكن لأننا كفلسطينيين جبلنا على التفكير خارج الصندوق بدأت أفكر هل يمكن لي أن أحول آلة القتل والدمار هذه إلى شكل من أشكال الحياة، واكتشفت أن الإجابة كانت نعم كما ترى، في واحدة من أرقى أدوات وأساليب التعبير عن السلمية وإبراز جرائم الاحتلال. يثير جمع القنابل في أرض الميدان استغراب المشاركين في مسيرات العودة، لكن مع الوقت اعتادوا على وجوده وفهم ما يقوم به، بل وشجعه الكثير منهم، بل قاموا في كثير من الأحيان بمساعدته. وعن عمله الجديد يقول أبو عطايا: طالما أن المظاهرات لم تتوقف فأنا أيضاً لن أتوقف، وسأحول كل قنبلة يلقيها الاحتلال إلى أشكال فنية، وسأزرع الورد في القنابل، سأبقى على إصراري على الحياة التي حرمنا الاحتلال منها. وحول الرسالة التي يحاول أبو عطايا إرسالها للعالم يقول: بتحويلي للقنابل التي يلقيها الاحتلال اُحاول إيصال رسالة للعالم أن هناك شعباً يزرع الحياة من بعد ما أُصيب باليأس. وتمر عملية إعادة تدوير قنابل الغاز بعد جمعها بعملية كبيرة لعلمه أنها تحتوي على مواد سامة، فيقوم بتعقيمها من خلال نقعها بالماء والصابون، ويتابع التنظيف والتلميع والتأكد من أنها فارغة من المواد المتفجرة والسامة. أبو عطايا هو واحد من أسرة أصيب عدد كبير من أفرادها خلال مسيرات العودة وقدمت عديداً من الشهداء ورغم إصابته بشظايا في قدمه ورصاصة في يده لم يثنه ذلك عن مواصلة جمع قنابل الغاز وإعادة تدويرها. يشير أبو عطايا وهو ينظف قنبلة ليست صغيرة، يحاول تلوينها لتصبح بشكل أجمل إلى أن فكرته جاءت كمحاولة منه للفت نظر العالم نحو همجية الاحتلال ووحشيته في استهدافه للمتظاهرين وما يزرعه لهم. ويقول أبو عطايا وهو يكمل قص إحدى القنابل التي جمعها: قنابل الموت كي تتوقف يوماً لا بد أن تتحول من قنابل مسيلة للدموع إلى قنابل مسرة للعين ومريحة للنظر بعد زراعته لها بالورود وتكوين أشكال فنية جميلة منها كقوارير الأشجار، معتبراً أنه يواجه الاحتلال بشكل سلمي بزراعته للقنابل. ولا يقتصر تحويله لطبيعة القنابل بزراعتها للأزهار، بل عمل على صناعة سبح من القنابل الغازية بطريقة فنية وجميلة، وتحتوي السبحة الواحدة على 33 قنبلة غاز فارغة ومنظفة جيداً موضوعة بسلك من الكهرباء، ويكون لها عنق من الصوف وتعلق على جدران المنزل. أبو عطايا المعيل لسبعة من الأبناء وزوجته، يتخذ من أحد زوايا منزله الصغير مكاناً ليتعايش فيه مع قنابل الغاز ورصاصات القتل التي يطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لتجد تلك القنابل المختلفة الأشكال والأحجام من نوع «400 و100 و50»، والتي كانت تفوح منها رائحة البارود وقد تحولت لأشكال تشعُ منها رائحة الحياة والمستقبل الأخضر المشرق. لا يشعر أبو عطايا بالخوف من القنابل، على الرغم من الآثار السلبية التي خلفتها قنابل الغاز على صحته إلا أنه يصر على التوجه في كل جمعة لجمع عديد منها لتبقى شاهدة على جرائم الاحتلال بحق المدنيين العزل. أبو عطايا يطمح للعودة إلى مدينة بئر السبع التي هجر منها أجداده قبل 70 عاماً، مؤكداً أنه سيحتفظ بهذه القنابل إلى وقتها مهما طال الزمن، وأنه سيورثها لأبنائه من بعده، مشيراً إلى أن معرضه الصغير الممتلئ بالقنابل التي زرع بداخلها الحياة من جديد سيكون شاهداً على جرائم هذا المحتل «الإسرائيلي»، الذي يستخدم كل وسائله للقتل والدمار، وسيكون عنواناً لصمود وتحدي هذا الشعب الثائر. واشتعل اسم: «أبو عطايا»، على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الماضية، نظراً لدوره المميز الذى يقوم به خلال المسيرة، بعدما أصبح فنانًا تشكيليًا استقى أفكاره من ميدان العودة، طامحاً إلى عرض أعماله في متاحف عالمية. وعبر أبو عطايا قائلًا: «نصنع من أدوات الموت «الحياة»، ونحصد من الاحتلال الأمل والمستقبل». ويضيف أبوعطايا: «نحن نصنع الحياة بأيدينا، الاحتلال يرمي على رؤوس المتظاهرين السلميين أدوات الموت كالرصاص والقنابل، وأنا أقوم بتجميعها وأعيد تشكيلها لإخراج ألوان الحياة منها بعد أن كانت مخصصة للقتل». وأشار إلى أن فكرته جاءت ليظهر أن أهل غزة بارعون في تحويل هذا الزرع القاتل إلى حصاد مشع بالأمل والمستقبل، وكمحاولة منه للفت نظر العالم نحو همجية الاحتلال ووحشيته في استهدافه للمتظاهرين. وذكر أبو عطايا، أن معرضه الممتلئ بالقنابل التي زرع بداخلها الحياة من جديد سيكون شاهداً على جرائم هذا الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستخدم كل وسائله للقتل والدمار، وسيكون عنواناً لصمود وتحدي هذا الشعب الثائر. أبو عطايا يطمح للعودة إلى مدينة بئر السبع التي هُجّر منها أجداده قبل 70 عاماً، مؤكداً أنه سيحتفظ بهذه القنابل. وفي أزقة بئر السبع يأمل أن ينثر هذه المشغولات، كي تعرف الأجيال المقبلة أن الحقوق لا تسترد إلا بالتضحية، وحتى تبقى ماثلة أمام أعينهم أن طريق العودة كان معبداً بالدم والفداء. لا يشعر أبو عطايا بالخوف من القنابل، لكنه يتأكد من أنها فارغة من المواد المتفجرة والسامة، وفي الفترة المقبلة لن يقتصر عمله فقط على زراعة القنابل، بل تلوينها وزراعة حديقة كاملة من الزهور في عمل من أكثر الأعمال المعبرة عن المقاومة السلمية للشعب الفلسطيني.

مشاركة :