خطورة ملف جاسوسية “أشرف مروان”

  • 8/22/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كل الوطن- المصريون الالكترونية: الجدل لا ينقطع عن ملف جاسوسية أشرف مروان للموساد الإسرائيلي ، روايات “إسرائيلية” متوالية تتحدث بالتفصيل عن دوره وعن رحلة تجنيده ، في المقابل لا نجد شيئا في الجانب المصري ولا أي رواية مھما كانت غير مقنعة ، سوى الحديث الإعلامي عن أنھ كان عميلا مزدوجا ، وقد زاد النقاش بعد أن تحولت القصة إلى فيلم سينمائي عالمي سيتم عرضه خلال الأسابيع المقبلة . الفيلم يعتمد على الكتاب المرجعي في قصة أشرف مروان “الملاك .. الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل” لمؤلفه المتخصص في قضايا المخابرات ” يوري بار جوزيف” ، وھو كتاب خطير بالفعل ، ويحكي بالتفاصيل الكاملة من أول نشأة أشرف مروان المترفة وميلھ إلى الحياة الرغدة ، وتقربھ من منى بنت الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ثم زواجه منھا ، ثم مجاملة عبد الناصر لھ بنقله من العمل كضابط جيش في سلاح الحرب الكيماوية إلى العمل في رئاسة الجمھورية بمكتب الرئيس للمعلومات، ثم مكافأتھ بتوفير عبد الناصر منحة له لدراسة الماجستير في بريطانيا حيث تم تجنيده وكيف أن السفارة المصرية وفرت له وظيفة إلى جانب المنحة ليتاح له الحصول على راتبين بالعملة الصعبة التي كانت مصر تتسولھا عبر حفلات أم كلثوم في العواصم العربية بعد النكسة، ومع ذلك لم تكفه تلك الأموال الكثيرة بحسابات وقتھا ، نظرا لترفھ وعشقه للقمار فخسر كل شيء، ثم تقرب من بعض أبناء أسرة الصباح الحاكمة في الكويت منھم الشيخة سعاد الصباح الذين سددوا له ديونه، لكن عبد الناصر شعر بجرح في كرامته. وطلب إعادة تلك الأموال لھم، ووضع صھره تحت الملاحظة ، الأمر الذي زاد عطشه للمال من طريق بعيد عن الرقابة ، فكان أن تواصل مع السفارة “الإسرائيلية” في لندن ، التي لم تصدق العرض في البداية ، ثم كان أن طلب رئيس الموساد أن يبقى ملف “أشرف” تحت إدارته ھو شخصيا بسبب خطورة شخصيته والمعلومات والوثائق الدقيقة التي قدمھا لھم كعربون عمالة وبناء للثقة ، حيث وصف قادة الموساد الجاسوس الجديد بأنه حالة “لا تتكرر في الجاسوسية إلا كل ألف عام” وأنه يساوي وزنه ذھبا. الكتاب يكشف المبالغ التي خصصھا الموساد لأشرف مروان ، والتي بدأت بعشرة آلاف دولار للقاء الواحد ، ووصلت إلى مائتي ألف دولار للقاء ، بعد تعيينه مديرا لمكتب الرئيس السادات للمعلومات حيث انحاز للسادات في صراعه مع مراكز قوى عبد الناصر فكافأه السادات بالمنصب الجديد ، حيث أتيح له الاطلاع على أدق أسرار الدولة المصرية وتجھيزات الجيش للمعركة والعلاقات المصرية السورية والمصرية السوفياتية ، ويحكي الكتاب تفاصيل مذھلة عن الوثائق والمعلومات التي قدمھا اشرف مروان للموساد عن أحوال مصر الاقتصادية والأمنية والعسكرية ، وعن قطاعات الجيش وتسليحھ واسماء قياداته وخططه العسكرية المرحلية استعدادا للحرب ، كان رأس القيادة المصرية مكشوفا تماما للموساد ، حتى أنه أبلغھم بموعد حرب أكتوبر قبل 24 ساعة من وقوعھا . ملف أشرف مروان تحول من روايات وحواديت إلى وقائع شھدھا القضاء “الإسرائيلي” بسبب اتھامات متبادلة بين قيادات سابقة للموساد والمخابرات العسكرية بالكشف عن عميل بحجم أشرف مروان ، وھو ما يضر باستراتيجيات التجنيد مستقبلا ، وتم تداول القضية حتى تم الحكم فيھا وأعلن بحيثياته يوم 7 يونيه2007 ، بإثبات الواقعة وتأكيد المعلومة بالاسم الصريح ، وبعدھا بثلاثة أسابيع وجدت جثة أشرف مروان أمام المبنى الذي يسكن فيه في العاصمة البريطانية لندن حيث سقط أو أسقط من الشقة التي يقيم فيھا . الإسرائيليون يسخرون من رواية الإعلام المصري بأن مروان كان عميلا مزدوجا ، وتحدوا أن يقدم مسئول مصري أي تفاصيل أو رواية متماسكة عن دوره في اختراق الموساد ، كما قالوا أن المعلومات التي قدمھا ودقتھا والوثائق التي امتلأت بھا عدة مجلدات حسب الكتاب لا يمكن أن يقدمھا عميل مزدوج ، كما قالوا أن إدارة العميل المزدوج تحتاج إلى جھاز استخباراتي عالي الإمكانيات وھو ما لم يتوفر للأجھزة المصرية حينھا والتي وصفوھا بأن أقصى قدراتھا أن تسيطر على المعارضة السياسية في بلادھا ! . عند الساعة 40:1 بعد ظھر 27 من يونيو 2007 ،سقط أو أُسقط أشرف مروان بشكل غامض من شرفة شقتھ الفارھة بالطابق الخامس بشارع كارلتون ھاوس تيراس في حي وستمنستر القريب من ميدان البيكاديلي في لندن ، تحقيقات الشرطة البريطانية نفت فرضية الانتحار عن حادثة موته ، بتقارير وشھادات شھود ورصد لأحاديثه الأخيرة ، غير أنھا أشارت إلى أنھ تحدث مع أكثر من شخص قريب منه بأن حياته مھددة ، دون ذكر مصدر التھديد ، وھنا تقول الرواية “الإسرائيلية” أن الأجھزة المصرية قامت بتصفية “مروان” لغسل العار ، لأنه كان صھر عبد الناصر ومدير مكتب السادات وصھر عمرو موسى أشھر وزير خارجية في عھد مبارك وأبناؤه أصدقاء مقربون من جمال مبارك ، ويؤكدون على أن طريقة قتله ھي نفسھا الطريقة التي قتل بھا الفريق الليثي ناصف وھي نفسھا الطريقة التي قتلت بھا الممثلة سعاد حسني ، طبق الأصل . الرواية “الإسرائيلية” ربما يدعمھا بقاء أشرف مروان طوال ھذه السنين خارج مصر ، لا يعود إليھا أبدا ، وإذا كانت حياته مھددة وھو ابن الأجھزة المصرية ، فلماذا لا يغادر لندن ويعود إلى القاھرة لبسط الحماية على حياته ، غير أن أكثر ما تؤكد عليه الرواية “الإسرائيلية” ھو تحديھا للجانب المصري أن يقدم أي رواية أو معلومات عن الخدمات التي أداھا “مروان” لھم ، بعد مرور قرابة خمسة وأربعين عاما على حرب أكتوبر . واقعة “أشرف مروان” مھينة بالفعل ، فھل يمكن أن نسمع ردا واضحا ومفصلا من الجانب المصري ، خاصة وأن الفيلم سيعرض قريبا ، وسيزيد الحرج والضغط نصف قرن ، فلم تعد لھا أي صلة بمخاطر على الأمن القومي المصري حاليا . المعنوي على مصر ومؤسساتھا ، كما أن المسألة أصبحت تاريخا ومر عليھا قرابة نصف قرن ، فلم تعد لھا أي صلة بمخاطر على الأمن القومي المصري حاليا.

مشاركة :