كلمة السر في نجاح مواسم الحج

  • 8/27/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

وانتهى موسم حج عام ١٤٣٩ بنجاح كبير وليس بجديد على الحكومة السعودية، وانتقلت المهام والأعمال والخدمات من المشاعر المقدسة الى منافذ المملكة البرية والبحرية والجوية إذ حشدت الطاقات هناك لتأمين رحيل أكثر من 1.8 مليون حاج في ظرف أيام معدودة. وعندما نشير للنجاح الكبير لحج هذا الموسم، فذلك لا يعني أننا أمام منجز جديد أو حدث استثنائي طرأ على مواسم الحج، فهذا الأمر أصبح بالنسبة للحكومة السعودية في عداد المسلمات والثوابت التي اعتادوا عليها موسما تلو آخر منذ أن تشكلت خريطة المملكة العربية السعودية على سطح الكرة الأرضية وشرفت قيادتها وشعبها بخدمة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين وحتى اليوم. وأصبحت مقاييس النجاح لمواسم الحج ذات طموح عالٍ جداً، بحيث تخضع لمعايير عالية الدقة والجودة ولبحوث ودراسات دقيقة تقوم عليها جهات محايدة ومختصة ومتفرغة تقوم بالرصد والاستقصاء والتفتيش الميداني والالكتروني، ثم تقدم التحاليل والنتائج قياساً بمواسم ماضية من جهة ومطابقته مع ما خطط له، وهذه الإجراءات تتم للجهات الأمنية والصحية والبنى التحتية والفوقية كافة وما تقدمه من خدمات متكاملة للحجاج منذ الوصول وحتى الرحيل. ومثل هذه الأعمال التقييمية الضخمة التي تراقب أداء ما يقارب ٢٩٠ ألف فرد من القوى العاملة من الجهات الأمنية والحكومية والخاصة التي تقدم الخدمات للحجاج لا تكون ضمن اطلاع الكثير من المتابعين والمراقبين، بحيث تستمر هذه الجهات بتقييم وتحليل خدمات الحج طوال أشهر عدة تنتهي بتقديم النتائج والتوصيات ليتم تنفيذها على الفور في موسم الحج التالي، وهنا تكمن كلمة السر السعودية التي مكنت هذه البلاد من قيادة مواسم الحج بمثل هذا النجاح المتواصل عاماً إثر عام، ولتشكل تراكما ضخما للخبرات العالية المستوى في إدارة الحشود لدرجة أصبحت مشاهد الحجاج في المشاعر والطرق المؤدية إليها محل سباق لمحترفي التصوير وحتى هواته ليقدموا الصورة الأجمل للوحات فنية رائعة لتحركات الحجيج وانسيابية تنقلاتهم. وتفاجأ بعد كل هذه المؤشرات الاستثنائية في حدث كوني مثل هذا عندما تجد قادة البلاد وكبار المسؤولين يتحدثون عن طموح أعلى ورؤى أشمل، ويشيرون إلى أن ما يتحقق لا يوازي التطلعات الفعلية وستشهد المواسم القادمة نقلات مذهلة في المزيد من آليات التخطيط والعمل والتنفيذ بتدخل التقنية العالية وصولا إلى الرقم المستهدف للحجاج بحلول ٢٠٣٠، إذ سيصل عدد الحجاج إلى الضعف وبما يصل إلى قرابة الخمسة ملايين حاج. أمور كثيرة لم نتطرق لها عما ينبغي الإشارة إليه عن موسم الحج وأسرار نجاحه، ولكن لا يمكن أن نغفل دوما أن «الأميز» و«الأكثر» مدعاة للتوقف فعلاً هو أن حكومة هذه البلاد وشعبها عندما يقدمون هذه الأعمال الضخمة للحجاج طوال شهر كامل وما يترتب عليها من جهد وتضحية وتعب تجدهم يستمتعون فعلا بما يقدمون من عمل ويحملون الحجاج على كفوف الراحة فعلاً، مبتغين من وراء كل ذلك الأجر والمثوبة من الله سبحانه الذي منّ عليهم بخدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله ومعتمريه كشرف واعتزاز لا يجاريه أمر من أمور الدنيا. * باحث إعلامي وكاتب صحافي. khaliddarraj@

مشاركة :