أقرت الحكومة والأحزاب الرئيسية في البرلمان الباكستاني خطة لإنشاء محاكم عسكرية للمتهمين بأعمال إرهابية وفرض قيود على نشاط المتشددين، في خطوة تعيد هيمنة الجيش على الأمن الداخلي لكنها تشكل ضرورة لحسم المعركة مع الجماعات المسلحة المنتشرة في المناطق القبلية والعديد من المناطق. ويأتي ذلك على خلفية صدمة أثارتها «مجزرة الأطفال» في مدرسة بيشاور التي اقتحمها مسلحو «طالبان باكستان» الأسبوع الماضي وقتلوا 149 شخصاً بينهم 133 تلميذاً. وأُقِرّت خطة المحاكم العسكرية بعد اجتماع لقادة القوى البرلمانية دعا إليه رئيس الوزراء نواز شريف وحضره قائد الجيش الجنرال راحيل شريف وقادة الاستخبارات والأجهزة الأمنية. كما اتفق المجتمعون على شن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الجماعات المسلحة، الارهابية وتلك المتورطة بعنف طائفي، وفرض رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية عبر الهواتف الخليوية، وحظر أي إشادة في الإعلام بممارسات الجماعات المسلحة. وعلى الأثر، أكد شريف في خطاب الى الأمة منتصف ليل الأربعاء- الخميس ضرورة التحرك بقوة للقضاء على التطرف، وتوعد الذين يقفون وراء الاعتداءات بـ «ملاحقة بلا رحمة». وقال رئيس الوزراء الباكستاني إن «محاكم عسكرية خاصة برئاسة ضباط من القوات المسلحة، ستشكل لمحاكمة الإرهابيين بسرعة». وأضاف أن هذه المحاكم ستعمل لسنتين، وأوضح ان «الفظائع التي ارتكبت في بيشاور غيّرت باكستان، وعلينا استئصال عقلية الإرهاب لإلحاق هزيمة بالتطرف والطائفية». وقال: «هذه الجريمة الدنيئة (مجزرة المدرسة) هزت الأمة، والإرهابيون ضربوا مستقبل هذا البلد بقتلهم الأطفال». ويأتي إنشاء المحاكم العسكرية بعد إعادة العمل بأحكام الإعدام لقضايا الإرهاب والتي تطاول أكثر من 500 مدان، فيما سيحال أكثر من ثمانية آلاف متهم بقضايا إرهابية على المحاكم العسكرية الجديدة. وترافقت خطوة المحاكم العسكرية مع إنشاء قوة خاصة لمكافحة الإرهاب عديدها خمسة آلاف عنصر أمن، يتنشرون في أنحاء البلاد. وأكدت مصادر حكومية وأمنية أن التنظيمات المسلحة الكشميرية التي تقاتل ضد الهند، ستجرّد من السلاح وسيحاكم قادتها في محاكم خاصة، كما ستتخذ إجراءات لتنظيم المدارس الدينية التي يصل مجموعها إلى أكثر من 25 ألفاً وتضم عشرة ملايين طالب يقيمون فيها مجاناً. وستسعى الحكومة إلى إلزام تلك المدارس بمنهج دراسي تشرف عليه وزارة التعليم، ومنعها من تلقي مساعدات أجنبية. ورفض الشيخ فضل الرحمن زعيم «جمعية علماء الإسلام» التي تدير نحو عشرة آلاف مدرسة دينية في باكستان، محاولة الحكومة السيطرة على المدارس، وخاطب المسؤولين: «ركزوا أولاً في حربكم على الإرهاب وبعد نجاحكم يمكنكم تسليط الضوء على المدارس الدينية وتحديثها». وبموجب الخطة الجديدة، فوّضت الحكومة حكومة إقليم بلوشستان إبرام مصالحة مع الجماعات الانفصالية لإنهاء العنف هناك.
مشاركة :