مجمل قول المفسرين في معنى الرّان في قوله تعالى: «كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» المطففين- 14، هو الذنوب التي غطت على أفئدة أهل الإعراض فحجبتهم عن إبصار الحق، والإيمان به. وفي عدة الصابرين يقول ابن القيم رحمه الله: فإن الرغبة في الدنيا تشتت القلب، وتبدد الشمل، وتطيل الهم والغم والحزن؛ فهي عذاب حاضر يؤدي إلى عذاب منتظر أشد منه، وتفوت على العبد من النعم أضعاف ما يروم تحصيله بالرغبة في الدنيا. إن من أبرز آثار اجتراح الذنوب والغفلة عن الله تسليط الهموم والأحزان ونحوها من الآلام النفسية على العبد؛ يبينها قول ابن القيم في الجواب الكافي: المعيشة الضَّنْك في الدنيا، وفي البرزخ، والعذاب في الآخرة. قال تعالى: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فإن لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى» طه-124، وفُسّرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، ولا ريب أنّه من المعيشة الضنك، والآية تتناول ما هو أعمُّ منه، وإن كانت نكرةً في سياق الإثبات، فإن عمومها من حيث المعنى، فإنّه سبحانه رتب المعيشة الضنك على الإعراض عن ذكره. فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه، وإن تنعّم في الدنيا بأصناف النعيم، ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب والأماني الباطلة والعذاب الحاضر ما فيه.
مشاركة :