جوارح الإنسان من نعم الله عزوجل عليه، من: (الأذنِ، والعينِ، والأنفِ، واللسانِ، واليدينِ، والقدمينِ، والبطنِ، والفرجِ)، فكان حقا على الإنسان أن يكون عابدًا شاكرًا لله على تلك النعم، وغيرها مما أنعم الله بها عليه. قال تعالى: (وَمَا خَلَقْت الْجِنَّ وَالإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُون). ومن أُولَى مراحلِ الشكرِ لله، أن يستخدم الإنسانُ تلك الجوارح فيما أمرَ اللهُ تعالى، وإبعادها وحفظها عما نهى الله تعالى، وأن يحاسب الإنسانُ نفسَه في حركاتِ جوارحهِ، من حينَ تطلُعُ الشمسُ إلى أن تغيب، ومن غروبِها إلى أن تطلع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً؛ إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كلُّه، وإذا فسدَتْ فسدَ الجسدُ كلُّه، ألا وهيَ القلب)، فسر الحديث الحافظ ابن رجب بقوله: «وفيه إشارةٌ إلى أن صلاحَ حركات العبد بجوارحه واجتنابه المحرمات واتقاءَه للشبهات بحسب صلاحِ حركة قلبِه! فإذا كان قلبه سليمًا ليس فيه إلا محبةُ اللهِ ومحبةُ ما يحبُّه الله وخشيةُ الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركاتُ الجوارح كلُّها ونشأ عن ذلك اجتنابُ المحرمات كلِّها وتوق للشبهات حذرًا من الوقوع في المحرّمات. وإنْ كان القلبُ فاسدًا قد استولى عليه اتّباعُ الهوى وطلب ما يحبُّه ولو كرهه اللهُ، فسدتْ حركاتُ الجوارح كلها وانبعثت إلى كلِّ المعاصي والمشتبهات بحسب اتّباع هوى القلب». ولهذا يقال: «القلب ملك الأعضاء وبقية الأعضاء جنوده وهم مع هذا جنودٌ طائعون له، منبعثون في طاعتِه وتنفيذِ أوامره، لا يخالفونه في شيءٍ من ذلك»! وللحديث بقية..
مشاركة :