الرباط - أنهى موفدا منظمة هيومن رايتس ووتش، أحمد رضا بنشمسي مدير التواصل والمرافعة بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفيروز اليوسفي ممثلة المنظمة بالمغرب، زيارتهما لمدينة العيون، لكن اقتصار الزيارة على الموالين للبوليساريو دون الاستماع إلى وجهات نظر منظمات حقوقية محلية مثل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون -السمارة، طرح سؤالا حول مدى حياد ومصداقية المنظمة الحقوقية. ولفت نوفل بوعمري المحامي والخبير في قضية الصحراء المغربية إلى أن العيون لم تشهد أي مستجد يدفع هذه المنظمة إلى زيارتها خاصة وأنها أصدرت تقريرها في مارس الماضي. وأوضح بوعمري لـ”العرب” أن دافع الزيارة سياسي محض وليس حقوقيا كما تروج له المنظمة مع اقتراب مناقشة ملف الصحراء في أكتوبر المقبل، وهو ما حفزها على الإسراع في دفع بعض أعضائها إلى زيارة العيون قصد إعداد تقرير يخدم موقف البوليساريو السياسي. ومن المتوقع أن تطرح توصية التقرير بإشراف بن شمسي توسيع مهام البعثة الأممية (مينورسو)، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. وركزت التوصيات الأخيرة لمنظمة هيومن رايتس ووتش على توجيه مجلس الأمن إلى إقرار توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، وهذا ما يتعارض مع بنود القانون الدولي الذي يعترف للمغرب بالسيادة على أقاليمه الجنوبية وما يترتب عليها من إجراءات وقوانين، منها الاهتمام بحقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية الذي يلتزم به المغرب في جل ترابه. ويعتقد مراقبون أنه غالبا ما تلجأ قوى إقليمية بدافع المصلحة إلى إبقاء قضية الصحراء معلقة دون حسم، من خلال توظيف هذه الذراع الحقوقية بشكل دوري للضغط على المغرب بشكل خاص كونه صاحب الحق في الأرض، رغم طرحه حلولا موضوعية أمام المنتظم الدولي. ويقول حقوقيون إن أجندة منظمة هيومن رايتس ووش تتعدى ما هو حقوقي محض إلى ترتيبات بمواصفات سياسية لا تصب بالضرورة في خانة مصالح المغرب، ما يشكك في الأهداف الخفية لهذه الزيارة، وحسب متابعين تهدف الزيارة إلى كسر صيرورة التقدم الدبلوماسي والسياسي الذي حققه المغرب في مسار دفاعه عن قضية وحدته الترابية على المستوى الحقوقي والاقتصادي والسياسي، كان آخر نتائجه تطبيع العلاقات مع كوبا وهي أكبر الداعمين للبوليساريو. ويرى المتابعون أن توقيت الزيارة مرتبط أساسا بالضغط الذي يمكن أن يضيفه تقرير المنظمة داخل مجلس الأمن في شهر أكتوبر عند مناقشة ملف الصحراء ومآل المفاوضات التي يلعب المبعوث الاممي دورا في إحيائها بعد توقفها مدة ست سنوات. مقاطعة البوليساريو للقاء وفد المنظمة الأممية مناورة مكشوفة لخلق مبرر سياسي لبنشمسي قصد التهرب من مواجهة حقيقية كونه منحازا ومن المرجح أن تطرح المنظمة في ورقتها الحقوقية توسيع مهمة المينورسو، وهي ورقة يلعبها الضاغطون على المغرب لتقديم تنازلات في الملف، واعتبر بوعمري أن “توقيت الزيارة مدروس بعناية إذ يتزامن مع انطلاق النقاش حول اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحي”، وتوقع أن” تقدم هيومن رايتش ووتش في تقريرها بعض الاستنتاجات كهدية للبوليساريو قصد استعمالها ضد المغرب”. ويعرف عن قائد وفد المنظمة إلى العيون رضا بنشمسي عداؤه للنظام المغربي منذ وقت طويل، لذلك يثير تكليفه من طرف المنظمة الحقوقية بإجراء تقرير عن وضعية حقوق الإنسان بالمنطقة، الشكوك حول مصداقية المنظمة لانحياز بنشمسي العلني، والذي سيكون جليا في انتقائه لمفردات وطريقة صياغة التقرير. وامتنعت جمعيات تابعة للبوليساريو عن لقاء ممثلي المنظمة الحقوقية الدولية على غرار جمعية الغد. وقال بوعمري “إن بنشمسي وجد نفسه محشورا في الزاوية بسبب عدم حياده وعدم تقديمه لطلبات لقاء مع المنظمات التي تحمل وجهات نظر مخالفة للموالين للبوليساريو، لذلك تم اختلاق هذه الواقعة حتى تمنح له مساحة للمناورة بادعاء أن مقاطعته تمت أيضا من قبل الموالين للجبهة وأنهم أيضا يتهمونه بعدم الحياد”. ووصف الباحث في شؤون الصحراء المقاطعة بالمناورة المكشوفة لخلق مبرر سياسي لبنشمسي قصد التهرب من مواجهة حقيقية كونه منحازا، وأنه لم ينطلق في زيارته من معايير الاستقلالية. ويستغرب حقوقيون وباحثون في القانون الدستوري عدم تركيز هيومن رايتس ووتش بصفة خاصة على ما يعانيه المعارضون داخل مخيمات تندوف من تنكيل واختطاف وتصفية. وطالبت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، السبت، بضرورة وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب في الجرائم المتعلقة بالاختفاء القسري، وحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، داعية مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، إلى فتح تحقيق عاجل حول حالة القيادي السابق الخليل أحمد، الوزير المستشار المكلف بحقوق الإنسان، المختفي، منذ بداية عام 2009 في الجزائر. وحملت الرابطة الحاصلة على المركز الاستشاري الخاص لدى الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن كافة الانتهاكات الفظيعة في المخيمات إلى الجزائر، وجبهة البوليساريو، حيث يتعرض الصحراويون منذ نشأة هذا الكيان الانفصالي بصفة مستمرة للخطف، والتصفية.
مشاركة :