أكد اقتصاديون أن أكبر التحديات أمام الاقتصاد السعودي تتمثل بتضخم مصروفات الدولة، في مقابل عدم تحقق النتائج المطلوبة والمرجوة على المستوى الفردي للمجتمع، إضافة إلى زيادة أعداد البطالة. وشددوا في حديثهم إلى «الحياة» على أن توسيع الموارد الاقتصادية من أهم ما يجب توفيره للاقتصاد السعودي وتنويعه خلال الأعوام المقبلة، ما يتيح تعدد الخيارات أمام الدولة والمجتمع على حد سواء، والتحول من الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإنتاجي، إضافة إلى توفير أقل المستلزمات المطلوبة في العيش على مستوى الدولة. وطالبوا بضرورة إعادة هيكلة الصناعات المحلية في المملكة وتنويع مصادر الدخل في الناتج المحلي، إضافة إلى حفز الشركات الخاصة للمشاركة في الناتج المحلي ورفع مساهمتها في الموارد إلى نسبة 50 في المئة، أسوة بالدول الصناعية الكبرى في العالم، موضحين أن التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي كالنفط الصخري، تدق ناقوس الخطر. وقال الخبير الاقتصادي خالد العمري، إن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي «لا تكاد ترى بالعين المجردة، إذ إن أرقام الناتج المحلي السعودي توضح بجلاء أرقام المساهمة التي يشارك بها القطاع الخاص»، معتبراً أن القطاع غير النفطي لا يسهم بالشيء الكبير، ما أوجد خللاً في الاقتصاد السعودي. وأضاف: «يجب إعادة النظر في هيكلة الاقتصاد السعودي، وخصوصاً الأمور التي طرأت على الاقتصاد العالمي في النفط، إذ إن الأسعار الأخيرة تؤثر في الإنتاج النفطي، وخصوصاً الغاز الصخري والنفط الصخري اللذين بدأت الولايات المتحدة الأميركية في إنتاجهما، وقد يتجاوز إنتاجها من النفط الصخري في الأعوام المقبلة إنتاج المملكة، ما يؤثر سلباً في الطلب على النفط العالمي». واستطرد قائلاً: «من الحلول العاجلة لإنقاذ الاقتصاد السعودي قيام الدولة بتنويع مصادر الدخل غير النفطية، لتصل نبستها في تمويل الموازنة العامة للدولة إلى 50 في المئة، ما يخفض المورد الاقتصادي للنفط». وتابع: «من المهم أن تعاد هيكلة الاقتصاد بما يسهم في مشاركة القطاع الخاص بنسبة أكثر مما هي عليه، أسوة بالدول الصناعية الأخرى، ولا يمكن أن نعتمد على النفط، المورد الذي قد ينتهي في أي وقت». وفيما يخص القطاع الخاص، أشار أستاذ المحاسبة في جامعة الباحة الدكتور مرعي بن علي إلى ضرورة التنبه إلى أهمية الصناعة، إذ إن المستقبل مرتبط في الأساس بالصناعة، لافتاً إلى ضرورة الاستفادة من السياحة الداخلية والمساحة الكبيرة للسعودية، إذ إن قطاع السياحة يعتبر من القطاعات الاقتصادية المهمشة داخلياً. وأفاد بأن مساهمة السياحة في الناتج المحلي لا تتجاوز 2.25 في المئة، وقد تزيد أو تنقص في هذه الحدود، إضافة إلى انعدام الدراسات الاستراتيجية في القطاع السياحي، الذي أصبح صناعة عالمية، مؤكداً أنها ستسهم في زيادة الناتج المحلي 20 في المئة إذا أحسن استغلالها. ولفت إلى أن الموانئ السعودية على الخليج العربي والبحر الأحمر لم تسهم إيراداتها في الاقتصاد المحلي بشكل كبير وإيجابي أسوة بالدول المجاورة للسعودية، إذ إنها تسهم في موازنات تلك الدول، مبيناً أن الدراسات الحكومية الاستراتيجية كفيلة بتغيير الوضع الحالي وتحسين البيئة الاقتصادية. ودعا مرعي المسؤولين في السعودية إلى مراجعة سياسة الدولة في الاحتياطات المالية خارجياً وداخلياً، واستثمارها داخلياً في خلق وظائف للشباب السعودي، وخلق مزيد من الموارد الصناعية التي تحقق الفائدة للناتج المحلي، مضيفاً: «ثمة توجه حكومي يعتبر من أهم الخطوات التي تسعى إليها الدولة السعودية، يتمثل بالصناعات التحويلية التي ستسهم في تنمية عدد من الصناعات المحلية». وأضاف: «المستهلك له دور كبير، و تقع عليه مسؤولية أكبر تجاه تدبير قضاياه المعيشية بما يتوافق مع قدرته من حيث الدخل، وقدرته على تحمّل أعباء قروض شراء أي أصل ثابت، كالسيارة أو المسكن، ومن حيث إدارة نفقاته الاستهلاكية الأخرى. تبدأ مهمته الأولى في جانب الدخل من ضرورة المحافظة على مصدر دخله الراهن (وظيفته)، وأن يحسن أداءه وعمله، وأن يدرك أن اتخاذ قرار الانتقال من عمل إلى آخر في الظروف الراهنة والمحتملة مستقبلاً يحمل مخاطر أكبر، ما يوجب عليه درس قراره قبل اتخاذه فعلياً، بأعلى درجات الحيطة والحذر».
مشاركة :