هل تعيش الأمة في الزمن الرديء؟! | د. سلطان عبد العزيز العنقري

  • 9/3/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الحقيقة تقول إن شعوب بعض البلدان العربية تعيش -ليس فحسب في زمن رديء، بل في زمن تسوده الفوضى والتشتت والتشرذم، والتكتلات الحزبية المدمرة للأوطان. زمن رديء لأنه يعجُّ بالمتناقضات التي لم يخبرها أحد من قبل، فلا تعرف مَن هو الصادق، ومَن هو الكاذب، ولا الحقيقي من المزيّف. اختلط الحابل بالنابل، فأصبحت تلك الشعوب لا تعرف أين تتجه ببوصلتها. تضع أيديها على قلوبها خوفًا من المجهول، في ظل هذه الفوضى العارمة التي تعم العالم العربي، والتي تسبب فيها نفر قليل خلقوها لشعوبهم، وجعلوها تعيش هذه الدوامة بسبب مصالحهم الشخصية الضيّقة. نوايا سيئة، وكذب، ودجل من أجل مكاسب فردية يسعى إليها أشخاص وأحزاب بأنانية مفرطة وحب للذات، وكل ذلك بسبب البحث عن المناصب والزعامات التي تُعشعش في عقول البعض. الغرب أصبح هو الشماعة التي يعلّق عليها فئة من تلك الشعوب كل مشكلاتهم ومآسيهم، وتناسوا أن أيادي داخلية غير نظيفة وملوثة بالعمالة هي التي جعلت هذا الغرب يتدخل ويحشر أنفه رغمًا عنهم، حفاظًا على مصالحه، وليست مصالح تلك الفئة أو الشعوب. هل شاهد أحد من هؤلاء الغرب يتدخّل في ماليزيا مثلاً؟ لا يوجد! لماذا؟ لأنك لن تجد هناك فئة تُغلِّب مصالحها الشخصية على مصالح وطنها وشعبها، ويصبح وسيلة وأداة في يد الأجنبي لتدمير بلده. الغرب لا يتدخل إلاّ عندما يجد مَن يساعده على التدخل. تناست هذه الفئة المثل العربي الجميل الذي يقول "أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب". انقلب هذا المثل العربي رأسًا على عقب فأصبح: "أنا والغريب على أخي، وابن عمي". من يصدق أن هناك أنظمة عربية تستقوي بالأجنبي لقمع وقتل شعوبها، وتدمير أوطانها ومقدراتها ومكتسباتها، أليس هذا بالفعل يبرهن لنا أننا نعيش في الزمن الرديء؟! ما نعايشه الآن في منطقتنا الشرق أوسطية تجعلنا أناسًا أقرب للتشاؤم منه للتفاؤل، فإذا كانت المصالح هي التي تُوجه سلوك تلك الأنظمة، وليست القلوب الصافية والنوايا السليمة، فماذا يُقال على المستوى الدولي؟! حيث المصالح هي التي تُوجِّه السياسات. المشكلة التي يعاني منها العالم العربي أن هناك أشخاصًا، بل فئات وأحزابًا لا تثق بنفسها أولاً، وبالتالي لا تثق ببعضها البعض. أناس يأكلون ويشربون الشكوك والظنون بالآخرين. أناس لا يملكون الجرأة على المصارحة والمكاشفة بسبب سلطة الأنا الأعلى super ego الصارمة والقمعية في بعض الأنظمة العربية، يعيش هؤلاء في عالم مزيف مليء بالنفاق والتطبيل، ووضع الرجل غير المناسب في مناصب تتحكم في حياة ومصائر تلك الشعوب. مقولة البقاء للأصلح يبدو أنها شطبت وألغيت من قاموس اللغة العربية، فالبقاء أصبح ليس للأصلح، بل للأسوأ في تلك الأنظمة القمعية. كما أن هناك إعلامًا عربيًّا تقليديًّا وصل إلى الحضيض، لأنه فشل ليس فحسب بمجاراة الإعلام الجديد من شبكات التواصل الاجتماعي، والهواتف النقالة الذكية، والصحف الإلكترونية وغيرها، بل فشل في الحيادية والموضوعية، وفشل أيضًا في ملاحقة ما يتناقله الإعلام الجديد على مدار الثانية وليس الدقيقة، وبذلك يتضح أن هذا الإعلام مازال يُدار بعقلية قديمة. وحتى بعض القنوات الفضائية التي تدّعي أنها محترفة ومهنية بالطرح، أصبحت إعلامًا مُوجَّهًا تخدم الغرب أكثر من خدمتها للعالم العربي. تساقطت أنظمة والسبب بعض وسائل الإعلام العربي التي انتكست أكثر من ذي قبل، ورجعت إلى الوراء بسبب غياب الحيادية والموضوعية والمصداقية في الطرح، بل أصبح هذا النوع من الإعلام مجالاً خصبًا للسخرية والتهكم والنكت في شبكات التواصل الاجتماعي، لأنه إعلام لم يرتقِ إلى هذه الثورة المعلوماتية المتلاحقة والتي يتناقلها الناس فيما بينهم في أقل من ثانية، بغض النظر عن كم أو نوعية هذه المعلومات، غثة أم سمينة. وبذلك أصبح مثل هذا الإعلام إعلامًا كاسدًا لا يلتفت إليه أحد. إن تلك الأجهزة الإعلامية يعود سبب تخلفها للقائمين عليها الذين يُعطون مساحة للبعض دون التدقيق في توجهاتهم، ويرسلون معلومات مغلوطة للمتلقي عن أوضاع بلدانهم وهموم وقضايا ومشكلات مجتمعاتهم. وفي النهاية أقول: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا في هذا الزمن الرديء يبحث البعض ويفتش ويستميت في نبش عيوب الآخرين، وينسى هؤلاء أو يتناسون أن لديهم من العيوب ما تفوق عيوب الآخرين، ويتناسون أيضًا أن للناس ألسنًا وأعينًا.. فهناك أناس ينقصهم الإخلاص لأوطانهم وهم يحتاجون لعشرات السنين لغرس هذا المفهوم في عقولهم وقلوبهم. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (29) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :