قانونيون ورجال أعمال لـ «العرب»: السوق السوداء وراء ظاهرة العمالة السائبة

  • 9/12/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رصدت كاميرا «العرب» خلال جولة ميدانية بالسوق المركزي ودوارات بالقرب من الكورنيش، خاصة بمنطقة سوق الجبر، انتشار العمالة السائبة على الرغم بما تقوم به الجهات المعنية في الدولة من جهود مستمرة للقضاء على هذه الظاهرة التي تشكل خطراً كبيراً على المجتمع. ويكثر تواجد هذه الفئة من العمالة في قطاعات بيع الخضراوات والفواكه والأسماك، بينما يعمل كثيرون منهم في قطاع مواد البناء وغسيل السيارات. وقد طالب مواطنون ورجال أعمال وقانونيون بوضع آليات قانونية لمواجهة ظاهرة العمالة السائبة، التي نتج عنها ظهور بعض الجرائم الدخيلة على المجتمع القطري. وأضافوا خلال استطلاع رأي أجرته «العرب»، أن هناك العديد من الأسباب وراء استمرار تلك الظاهرة، وفي مقدمتها توفير الكفلاء الصوريين الذين يوفرون غطاء قانونياً وهمياً لعمل تلك العمالة لدى الغير، مقابل قيمة التأشيرة ومبلغ سنوي تدفعه تلك العمالة للكفيل الأصلي. وأوضحوا أن هناك شركات وهمية تقوم بجلب العمالة مقابل آلاف الريالات وتتركها في الميادين والشوارع تكسب قوت يومها دون رقابة فعلية، كما طالبوا بضرورة ردع هذه الظاهرة بتغليظ العقوبة على شركات جلب العمال المخالفة والتفتيش بشكل مستمر عن أماكن وجود هذه الفئة لاجتثاث الظاهرة، أو لتدبير عمل وظيفي مناسب لهم سواء في الشركات أو المصانع وخلاف ذلك، متسائلين: العمالة السائبة إلى متى؟ منصور بن جاسم: غياب المسؤولية سبب رئيسي قال الشيخ منصور بن جاسم آل ثاني رجل الأعمال، إن التداعيات السلبية التي تنتج عن العمالة السائبة كثيرة جداً، وتؤثر على السوق بشكل سلبي، ولها مخاطرها الاجتماعية الكبيرة. وأوضح أن أحد أهم أسباب هذه الظاهرة عدم التحلي بالمسؤولية من قبل بعض الشركات أو الأشخاص الذين ساهموا في نشر العمالة السائبة من خلال بيعهم للتأشيرات، فالعديد منهم يحضر العمال من الخارج، ويفرضون عليهم إتاوات بعد ذلك في سوق العمل، في تحدٍ صارخ للقانون والنظام العام الذي تتبناه الدولة. وأضاف أن هذه الفئة السائبة من العمال، تمارس نشاطاً تجارياً أو مهنياً بدون ترخيص، وليس لهم موقع ثابت، الأمر الذي يسبب أضراراً وخيمة على المجتمع بعد ذلك، فضلاً عن عملهم في البناء والأسواق. وأشار إلى أن المسؤولية تقع في البداية على الشركات التي استقدمت هذه الفئة بدون وجود مشاريع حقيقية لديها، والغاية من ذلك الاستفادة من ثمن التأشيرة فقط، التي منحت لهذه الشركات والتي يصل ثمنها حسب آراء البعض، إلى 25 ألف ريال، مطالباً الجهات المختصة بإيجاد حلول فورية وجذرية للحد من هذه الظاهرة. خالد فخرو: التقنين أو الإبعاد قال خالد فخرو إن العمالة المنتشرة في عدد من المناطق بالدولة لها سلبيات وإيجابيات في الوقت نفسه، فهي تقدم خدمات مختلفة يحتاج لها الإنسان داخل منزله، كما أن انتشارها عشوائياً يشكل مظهراً غير حضاري، وقد تسبب ضرراً على المجتمع في الوقت ذاته. وأكد أن الخطر الأكبر أن بعض الأشخاص يتسترون على بعض العمال، ويتركونهم يتجولون في الشوارع، وقد يكون منهم مدان في قضية سابقة أو غير ذلك، مطالباً بتشديد الرقابة عليهم، وتتبعهم بالأسواق، وغيرها، لتقنين أوضاعهم، أو إبعادهم عن الدولة. عبدالرحمن الجفيري: الإجراءات الحالية غير كافية ذكر المحامي عبدالرحمن الجفيري أن سوق السمات أصبح سوقاً منتعشاً يدرّ ربحاً كبيراً على أصحاب الشركات الوهمية الذين لديهم سجل تجاري، دون أن يكون لهم شركة أو مشروع، فيستغلون السجل التجاري في بيع التأشيرات وجلب عمال هم في غنى عنهم. وأضاف أن هناك كثيراً من سمات الدخول ذات وظائف وهمية، ما يضطر العامل إلى اللجوء إلى وظائف من الباطن لدى الشركات والكفلاء، فيما يعرف بظاهرة العمالة السائبة، والتي أصبحت خطراً يهدد المجتمع، وهذا ما أشارت إليه إحصائيات المجلس الأعلى للقضاء مؤخراً، عن ازدياد عدد القضايا الدخيلة على المجتمع. وكشف الجفيري عن أن العملية منظمة وليست فردية، وكذلك أيضاً فيما يخص العمالة الهاربة، نتيجة رغبتها في الحصول على مزيد من الأجور، أو الامتيازات الأخرى، فتقوم شركات أو أفراد باستغلال تلك العمالة الهاربة، دون رادع، ما قد يسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية كثيرة. وتابع: الإجراءات الحالية المتبعة للتعامل مع هذه الظاهرة لا ترقى لحل المشكلة، ولو كان من الممكن أن يتم تصنيف هذه العمالة، وفق فئة معينة كفئات العمالة الفنية الماهرة، وتكون تابعة لشركات محددة، بحيث يتم تقنين هذه العمالة الكبيرة، بدلاً من الوضع الحالي الذي يسيء للمجتمع، من خلال المخالفات التي قد يرتكبها بعض هذه العمالة، والتي يكون بعضها مخالفاً للإقامة، كما أنهم يشوهون المنظر العام في الشوارع نتيجة تزاحمهم وتواجدهم بشكل غير لائق. حسن الخوري: فترة ضرورية لتوفيق الأوضاع أكد المحامي حسن الخوري، أن العمالة السائبة المنتشرة بالأحياء السكنية والأسواق تشكّل عبئاً مثل العمالة الهاربة، الأمر الذي يسبب خطراً جسيماً على المجتمع. وأضاف أن كثيرين من هذه الفئة يأتون من خلال التجارة في التأشيرات، التي تمارسها بعض الشركات الوهمية عن طريق الحصول على سجل تجاري يكفل لهم حرية جلب العمالة اللازمة وبطريق قانوني، ومن ثم فلا تقع هذه الشركات التي تعد أحد أسباب انتشار هذه الظاهرة تحت طائلة القانون. وأشار الخوري إلى أنه من الظواهر التي طرأت على المجتمع القطري، قيام بعض الشركات والمؤسسات الوهمية باستخراج تأشيرات من الجهة المختصة بزعم حاجتها إلى عمالة للعمل في مواقعها المختلفة، وبعد قيام الجهة المختصة بإصدار هذه التأشيرات تقوم ببيعها للعمالة الأجنبية الراغبة في القدوم إلى دولة قطر للبحث عن لقمة عيش كريمة. وطالب الخوري بضرورة منح هذه العمالة فترة لتوفيق أوضاعها، فمنهم من هو مخالف للإقامة ولم يقم بتجديدها، ومنهم من هو هارب من كفيله، وأضاف: لو تم الإعلان عن فترة سماح محددة لكل هؤلاء لتوفيق أوضاعهم، فمن المؤكد أنه سوف يتم حصر هذه العمالة جيداً، والتعامل معهم وفق خطط واستراتيجيات محددة، تكفل تحقيق المصلحة للمجتمع، وتحفظ حقوق الجميع بمن فيهم هذه العمالة. عبدالله المنصوري: مخاطر بالجملة.. والتسول يعود مجدداً قال المحامي عبدالله المنصوري: لابد من السعي بسرعة لمواجهة ظاهرة تلك العمالة التي لم تعد تداعيات وجودها متوقفة عند تشويه شكل بلادنا فحسب، بل تعدته إلى الخطر الأمني والاجتماعي بل والصحي. وشدد على ضرورة أن تتصدى الدولة بحزم لهذه الظاهرة، وأن تقوم بتفعيل القوانين للحد منها، ونحن لا نرفض أن يعمل الناس ويتكسبوا رزقهم هنا في قطر، ولكن لابد أن يتم ذلك بصورة قانونية، لافتاً إلى أن العمالة السائبة تمثل خطراً كبيراً على المجتمع. وأضاف أن هذه الظاهرة لم تعد مسؤولية جهة بعينها، ولابد أن تتضافر الجهود لمواجهتها، فإما أن يتم وضع إطار قانوني ينظمها أو يتم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضبط السوق ومواجهة أصحاب الضمائر الميتة، الذين يجلبون العمال من بلادهم بزعم تشغيلهم ويتركونهم للشارع عقب وصولهم بعد أن يكونوا قد استنزفوهم مادياً. وتابع المنصوري: لابد أن نعي أن عدم تنبهنا لهذه الظاهرة سوف يتسبب في مشكلة إذا لم تكن في الوقت الحاضر فسوف ستكون في المستقبل، وقال: «يكفينا أن ظاهرة التسول بدأت في الظهور في شوارع الدوحة بسبب تلك النوعية من العمالة، وأصبحنا نرى من يقترب من زجاج السيارة يطلب منك مالاً ليأكل أو خلافه، وهي ظاهرة تخلصنا منها تماماً في وقت سابق ولكنها عادت لتطل اليوم برأسها من جديد». عمال: ندفع إتاوات شهرية اشتكى عدد من العمال في تصريحات لـ «العرب» من عمليات النصب وفرض الإتاوات الشهرية التي يتعرضون لها من جانب الشركات الوهمية، مقابل منحهم فرصة عمل لدى الغير. وأضافوا أن معظم العمالة السائبة بالشوارع حالياً جاءت بتأشيرة عمل مكلفة للغاية تصل قيمتها إلى 25 ألف ريال، ولكن عند قدومهم لم يجدوا أي شيء، فاضطروا إلى البحث عن العمل، ولكن في الوقت نفسه أجبرتهم الشركة المستقدمة على دفع مبالغ شهرية لتتركهم يعملون. وقال أحد العاملين - فضل عدم ذكر اسمه – إنه كان يعمل بشركة إعلانات يتأخر صاحبها دائماً في دفع راتبه، وفي نهاية المطاف قرر ترك العمل معه ليفاجأ بأن صاحب الشركة يطالبه بدفع مبلغ شهري له حتى يتركه يعمل بالدولة مهدداً إياه بالدفع أو الترحيل. نايف النعمة: إيواء «الهاربة» ينعش سوق «السائبة» أوضح المحامي نايف النعمة، أن القضية ليست قضية عمالة سائبة فحسب، بل قضية العمالة الهاربة بشقيها السائب والهارب من كفيله. وأشار إلي أن هناك شركات وأشخاص يستقطبون ويؤوون العمالة سواء الهاربة أو السائبة، لهذا فلا بد أن نتوقف أمامها بالدراسة والفحص، ولا بد من توعية المواطنين بأهمية عدم التعامل مع تلك النوعية من العمالة، حتى لو كانت أرخص سعراً من الشركات القانونية التي تقدم الخدمة نفسها. وأضاف: أنه من الأفضل التعامل مع شركة تستطيع اتخاذ الإجراءات القانونية حيال أي خطأ يرتكبه منتسبوها، في حين أن العمالة السائبة قد ترتكب كارثة داخل منزل المواطن دون أن يدري إلا عقب خروج العمال من المنزل، وبالطبع لن يستطيع أن يصل إليهم مهما فعل. وأشار النعمة إلى أنه على الجانب الآخر، لا بد من مواجهة حاسمة لظاهرة الأفراد والشركات التي تقوم باستقطاب العمالة الهاربة وإيوائها اعتماداً على أن القانون لا يجرّم إلا العامل الهارب نفسه ويقوم بإبعاده عن البلاد، أما رب العامل الذي استقطب العامل الهارب وقام بتشغيله رغم معرفته بهروب العامل من كفيله، فلا يتعرض لأي عقاب، ولهذا فنطالب بوضع قوانين شديدة تجرّم كل من يقوم بتشغيل العمالة الهاربة. ودعا النعمة إلى مواجهة ظاهرة قيام عدد من المؤسسات الوهمية -التي ليس لها وجود على أرض الواقع- باستخراج تأشيرات من الجهات المختصة بزعم حاجتها لوظائف، لافتاً إلى أن هذه المؤسسات الوهمية تقوم ببيع التأشيرات للعمالة الراغبة في العمل بقطر، وعند قدوم تلك العمالة يفاجؤون بعدم وجود وظائف أو أية أعمال تابعة لهؤلاء، مما يضطرهم للعمل في أي مكان دون أن يدركوا أنهم أصبحوا أمام القانون عمالة هاربة. وأضاف: في معظم الأحيان يقوم أصحاب السجلات التجارية الوهمية بالإبلاغ عن العمال الذين قاموا باستقدامهم ويتهمونهم بالهرب، ليقوموا بممارسة الأمر نفسه مرة أخرى مع عمال جدد، لهذا فلا بد من إجراءات حاسمة ضد الشركات الوهمية التي تقوم بالتجارة في التأشيرات وبيعها بمبالغ باهظة. خالد الكواري: خطر على المجتمع قال رجل الأعمال خالد جبر الكواري، إن وجود العمال وانتشارهم بصورة كبيرة في الشوارع الرئيسية والأسواق والأحياء السكنية مشكلة حقيقية وتؤثر على المجتمع، بصفة عامة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأكد أن هناك عمالة على كفالة مواطنين، وأخرى ربما تكون شاردة، أو بينها اتفاق مع رب العمل للبحث عن وظيفة، بعيداً عنه، لافتاً إلى أن مثل هذه الأمور غير قانونية، وأنه يوجد بعض الأشخاص يستقدمون عمالاً مقابل مبالغ مالية دون عمل حقيقي لهم، مشدداً على أن هذا الأمر مرفوض تماماً. وطالب الكواري بتقنين أوضاع بعض العمالة في مجالات الحرف البسيطة التي ليس بها أي ضرر على السوق. عبدالله يوسف: التوعية ضرورية قال الخبير القانوني عبدالله يوسف، إن العمالة السائبة لم يقتصر وجودها على أرصفة الشوارع والأسواق التجارية فحسب، بل لوحظ أيضاً تزايد أعدادهم في المناطق السكنية وبعض المرافق العامة، حيث يقومون ببيع الخضراوات والفواكه والتجوال بداخل الأحياء السكنية، ومنهم من يعرض خدمات السباكة والبناء وغيرها من خلال طرق أبواب المنازل، فضلاً عن الآخرين ممن يقومون ببيع الأسماك. وأوضح أن وجود مثل هذه العمالة في المناطق السكنية، إضافة إلى أنها ناقصة التدريب والتأهيل والتعليم، يعد أمراً خطراً لأن مثل هذه الفئة قد تقوم بأي عمل من أجل الحصول على المال، كما أنه في المناطق السكنية يخرج الأطفال للعب، وهو أمر غير مأمون العواقب في ظل وجود عمالة سائبة من غير رقيب ولا حسيب عليهم. وطالب يوسف بتشديد الرقابة على هذه الفئة، منوهاً بأهمية دور الإعلام أيضاً في توعية المواطنين بخطورة تعاملهم السلبي مع هذه العمالة السائبة، وتكاتف المجتمع ككل ضد التستر على هذه العمالة.;

مشاركة :