قبل 25 عاماً، وفي الثالث عشر من سبتمبر العام 1993، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية، اتفاقية أوسلو مع الجانب الإسرائيلي، بعد سلسلة محادثات سرية في العاصمة النرويجية. واليوم وفي التاريخ ذاته، تنتهي المهلة الممنوحة لأهالي قرية الخان الأحمر في القدس المحتلة، قبل هدمه، علماً بأن الخان الأحمر تقع ضمن المناطق التي من المفترض أن يكون الحل بشأنها قد جرى بعد خمسة أعوام من الاتفاقية المذكورة، أي منذ عشرين عاماً بالتمام والكمال. ربما هي تناقضات غريبة لهذه الاتفاقية، التي حفّتها السلبيات من كل الجوانب، فبقيت الآمال معلقة والآفاق مغلقة. مفاوضات سرية لم تأت اتفاقية أوسلو، كنتاج لمفاوضات مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإنما نتيجة لمفاوضات سرية بينهما، استمرت بعد مؤتمر مدريد للسلام، الذي سبقها بعامين، ولعل أبرز ما نصت عليه الاتفاقية، إقامة دولة فلسطينية مستقلة، يتم الإعلان عنها بعد اكتمال انسحاب قوات الاحتلال من المدن الفلسطينية، التي بدأت بـ«غزة وأريحا أولاً». وشكلت مباحثات أوسلو، بارقة أمل للرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، الذي ضاقت به السبل حينها، بعد خروجه من بيروت، وإبحاره إلى تونس، وقد تنامى لديه شعور البعد عن الوطن، سياسياً وجغرافياً، فكان أن آمن بالحل السلمي مع دولة الاحتلال، على طريق تحقيق حلمه بالعودة إلى أرض الوطن، وإقامة الدولة على التراب الوطني الفلسطيني، لكن الاحتلال كعادته وديدنه، نقض كل المواثيق والعهود والاتفاقيات. كانت الوعود كثيرة، والأحلام وردية، بتحرير المدن والأراضي الفلسطينية تباعاً، ولتحقيق ذلك، وافقت القيادة الفلسطينية آنذاك، على تأجيل القضايا المحورية، واحتفل الفلسطينيون برحيل قوات الاحتلال عن مدنهم، على وقع اتساع رقعة السيطرة الفلسطينية رويداً رويداً عليها، لكن أحلامهم تحولت إلى «كوابيس» . وبدأت تتلاشى، عندما اصطدمت التنازلات الفلسطينية، بتعنت إسرائيلي حيال القضايا الجوهرية، ليدركوا أن حلم إقامة الدولة لم يكن سوى حبر على ورق، فداست دبابات الاحتلال، التي أعادت احتلال المدن الفلسطينية العام 2002 اتفاقية أوسلو، وحاصر الإسرائيليون من وقّع الاتفاق معهم، الرئيس «أبو عمار» بين كومة من الحجارة في مقرالرئاسة الفلسطينية في رام الله «المقاطعة»، إلى أن قتلوه هناك. تجمعات لقد مزقت اتفاقية أوسلو، الوطن الفلسطيني إلى تجمعات وتصنيفات أطلق عليها الإسرائيليون (أ، ب، ج) وكعادتها في القضاء على كل احتمال، وأية فرصة للسلام، قتلت قوات الاحتلال اتفاقية أوسلو، ودفنتها إلى الأبد، غير أن آثارها وسلبياتها ظلت قائمة. وبيّن الكاتب والمحلل السياسي أشرف العجرمي، أن القيادة الفلسطينية، بنت استراتيجيتها طبقاً للتسوية الدائمة، التي كانت مقررة بعد خمس سنوات فقط من توقيع اتفاقية أوسلو، لكن دولة الاحتلال انقلبت على كل الاتفاقيات. وتنكرت لكل المبادئ والحقوق، منوّهاً إلى أن الفلسطينيين لم يكونوا على درجة الفهم الكافي للعقلية الإسرائيلية، ولم يدققوا في كافة البنود التي تضمنتها اتفاقية أوسلو، ما أوقعهم في أخطاء كارثية. عداء وبعد 25 عاماً على اتفاقية أوسلو، تُظهر الإدارة الأميركية، التي كانت رعت الاتفاقية، ونظمت حفل توقيعها في حديقة البيت الأبيض، عداءها للشعب الفلسطيني وقضيته، لا لشيء إلا لرفضهم لمشروعها التصفووي، المسمى «صفقة القرن» الذي يستهدف وجودهم. فتغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، في استكمال لخطوات الانحياز المطلق مع الاحتلال، التي بدأت بعزل القدس عن أي مفاوضات للحل، وإعلانها عاصمة لدولة الاحتلال، ووقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، ولا يستبعد المراقبون والمحللون، أن تعلن قريباً، عن منظمة التحرير الفلسطينية، منظمة إرهابية! طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :