الحالة الراهنة للاتحاد الأوروبي؟ سؤال لم يكن في الإمكان الإجابة عنه إلا بشكل غير مباشر عن طريق جان كلود يونكر، رئيس الاتحاد الأوروبي، عندما ألقى خطاب السياسة السنوي أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورج. من المحتمل أن يكون هذا هو آخر خطاب تام لرئيس الاتحاد الأوروبي حول حالة الاتحاد. مع انتهاء ولايته في العام المقبل، من الواضح أن هناك حدودا لما يمكن القيام به، إلا أن المسؤولين في بروكسل يصرون على أنه لم يحن الوقت لإلقاء تحية "الوداع ليونكر" بعد. يقول مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إن الأمر "ليس مراجعة تاريخية عن الماضي، بل يشبه قصيدة كتبها يونكر". مثلما كان التوقع، جاء الخطاب ملتزما بشعار يونكر في أن يتحدث بمسؤولية كبيرة عن أشياء كبيرة. وسيتم الكشف عن المبادرات الخاصة بالهجرة والأمن والسياسة الخارجية، لإظهار أن المفوضية لا تزال في وضع العمل ومستعدة للتصدي للشعبويين المناهضين للاتحاد الأوروبي. كانت هناك أفكار جديدة في كلمته التي استمرت أقل من ساعة بقليل. وكثير منها كان موجها بشكل مباشر للنقاد المناهضين للاتحاد الأوروبي. في شأن حماية الحدود من الهجرة غير الشرعية؟ يقترح يونكر تعزيز حرس حدود في الاتحاد الأوروبي بعشرة آلاف فرد مع صلاحيات جديدة. أما في خصوص النفوذ الروسي المتعاظم التهديد؟ فإنه يرى إمكانية فرض عقوبات على الأحزاب السياسية، في حال إساءة استخدام بيانات الناخبين كي تتم حماية نزاهة الانتخابات. في موضوع السيادة؟ قال يونكر إنه مع فكرة إعادة السلطة إلى مستوى حكومات البلدان عندما يكون ذلك منطقيا، أي ("التبعية" في لغة الاتحاد الأوروبي). المثال الكبير هو "استعادة السيطرة" على تغيير التوقيت بتقديم الساعة في الصيف. وناقش يونكر "اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا" الطموحة وتدويل اليورو، وجهوده في مكافحة غسل الأموال. وحول مغادرة بريطانيا: قال المسؤول الأوروبي الكبير: "نحن في حاجة إلى أن يتم الانفصال بشكل منظم". لن يكون هناك شيء من العلاقة الحميمة القديمة "إلا أننا نريد أن نبقى أصدقاء". فريق يونكر عمد إلى إحياء بعض أضغاث الأحلام المؤسسية المفضلة لديه. أكثرها أهمية هو فكرة يروج لها منذ فترة طويلة لاستخدام التصويت بالأغلبية – بدلا من الإجماع – في مجالات السياسة الخارجية، لمنع بلد واحد من إعاقة عمل الاتحاد الأوروبي على تشكيل جبهة مشتركة حول القضايا الجيوسياسية الكبرى. وعادة ما يكون ذلك عبارة عن ألعاب نارية تشريعية تكفي للإبقاء على فقاعة الاتحاد الأوروبي مسلية، لكن في هذا العام، قدمت بعض الأحداث الدرامية في ستراسبورج خلفية مختلفة للغاية. أعضاء البرلمان الأوروبي هم الآن في معركة عامة شديدة مع فيكتور أوربان، الذي يصف نفسه بأنه متعصب قومي غير ليبرالي يدير المجر. وكان من المقرر إجراء تصويت بعد ساعات قليلة من مخاطبة يونكر للبرلمان، وهو أول اجتماع للبرلمان الأوروبي ينص على إجراء تأديبي بموجب المادة السابعة ضد دولة عضو، حيث يوجد تهديد لحكم القانون. حتى عائلة أوربان السياسية الخاصة – حزب الشعب الأوروبي من يمين الوسط التابع ليونكر، وأنجيلا ميركل وسيباستيان كورتز – تبدو مستعدة لمعاقبته لعدم احترامه لقيم الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن يونكر قد تحاشى أن يذكر أوربان بالاسم عند الحديث عن الالتزام بمبادئ الديمقراطية الليبرالية، فقد كان من الواضح تماما من هو الشخص الذي يتحدث عنه يونكر، إلا أن مثل هذا الإغفال قد لا يزال يبدو أمرا في غير محله في يوم كهذا. "إذا كنت تريد أن تعرف الحالة الحقيقية للاتحاد، فهذا ليس خطاب يونكر"، حسب ما تحسر أحد مسؤولي البرلمان. "للمرة الأولى يطالب أعضاء البرلمان الأوروبي بتنفيذ عملية المادة السابعة ضد دولة عضو. هذه هي الحالة الحقيقية للاتحاد اليوم".
مشاركة :