تونس- بدأ ظل رئيس جهاز الاستخبارات الجزائرية سابقا،الجنرال محمد مدين، المعروف باسم توفيق، يتسلل تدريجيا إلى واجهة المشهد السياسي، من نافذة السجالات التي تعيش الجزائر على وقعها هذه الأيام، ارتباطا بالانتخابات الرئاسية المُقرر تنظيمها في ربيع العام المُقبل. وكشف دبلوماسي عربي مُقيم بتونس لـ”العرب”، أن دوائر عربية وغربية مهتمة بتطور الأوضاع في الجزائر، رصدت خلال الأيام القليلة الماضية تحركات وصفتها بـ”الجديرة بالاهتمام والمتابعة”، للجنرال توفيق، تكثّفت بعد حملة التغييرات والإقالات التي شملت عددا من كبار ضباط المؤسسة العسكرية الجزائرية. وأثارت تلك التحركات تساؤلات لا تتوقف بسبب توقيتها، واستهدافاتها، لا سيما وأنها ترافقت مع مناخ سياسي متوتر، بسبب تفاقم الصراع بين أجنحة السلطة حول خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يُعلن بعد ترشحه لولاية رئاسية خامسة خلال الانتخابات القادمة. وأضفى هذا الموقف الذي لم يتغيّر رغم إعلان أكثر من أربع شخصيات سياسية ترشحها للاستحقاق الرئاسي المُرتقب، الكثير من الغموض، والمزيد من الضبابية على مآلات هذا الصراع الذي يفتح البلاد على سيناريوهات لا تخلو من المفاجآت. وبحسب الدبلوماسي العربي، فإن دول الجوار الجزائري، لا تُخفي مخاوفها وخشيتها من تلك السيناريوهات، خاصة وأن مسلسل الإقالات لكبار الضباط العسكريين والأمنيين حمل بين طيّاته إشارات ضمنية إلى أن الرئيس بوتفليقة والمُحيطين به، دخلوا في سباق مع الزمن لتهيئة الأوضاع وفق حسابات ومعادلات تتبدل بسرعة على وقع احتدام الصراع الراهن. "الفدرالية الوطنية لأبناء الشهداء" التي تنشط في محافظة تيزي وزو، دعت الجنرال توفيق إلى الترشح للانتخابات الرئاسية وقال إن تلك الإشارات التي حركت الكثير من الهواجس، تُفسر إلى حدّ ما تحركات الجنرال توفيق التي ساهمت في رفع سقف التجاذبات الحادة في البلاد، لا سيما وأنها تزامنت مع بروز بعض الأصوات التي لم تتردد في دعوة الجنرال توفيق إلى الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة. وكانت “الجمعية الثقافية قصباوية” التي تنشط بالجزائر العاصمة، قد دعت في وقت سابق، الجنرال توفيق إلى الترشح لمنصب رئيس الدولة، وبرّرت هذه الدعوة في بيان لها بالتأكيد على “القناعات الوطنية للجنرال مدين محمد، ومواقفه الوطنية والتزامه الراسخ للجزائر”. واعتبرت أن الجنرال توفيق “حافظ على صمته تجاه الاضطرابات السياسية في الجزائر من أجل الحفاظ على المكاسب الديمقراطية”، كما أنه “أحبط جميع محاولات زعزعة الاستقرار في البلاد”. وقبل ذلك، بنحو أسبوع، دعت “الفدرالية الوطنية لأبناء الشهداء” التي تنشط في محافظة تيزي وزو، الجنرال توفيق إلى الترشح للانتخابات الرئاسية، وأكدت في بيان لها أن هذه الدعوة هي “مبادرة خاصة، لم يتم التنسيق فيها مع الجنرال توفيق”. وعلى وقع هذه الدعوات التي يُرجّح مراقبون أن تتزايد خلال الأسابيع القادمة، يكون الجنرال توفيق قد عاد إلى دائرة الضوء من نافذة الانتخابات الرئاسية التي أعلن لغاية الآن أربع شخصيات عزمها خوضها، منها فتحي غراس، الناطق الرسمي باسم الحركة الديمقراطية الجزائرية، وناصر بوضياف نجل الرئيس الراحل محمد بوضياف. لكن هذه العودة على أهميتها، تبقى محدودة التأثير، رغم أنها قد تُربك الحسابات الراهنة، غير أنها لن تُغيّر المعادلات السياسية العامة التي باتت معطياتها تفرض واقعا جديدا في علاقة بالاستحقاق الرئاسي الذي تستعد له الجزائر في ربيع العام المُقبل.
مشاركة :