حقق قطاع التمويل الإسلامي نمواً إيجابياً خلال السنوات الأخيرة، حيث أورد تقرير التمويل الإسلامي العالمي 2018 أن قيمة القطاع تخطت 2.4 تريليون دولار أميركي بحلول نهاية عام 2017، مسجلاً نمواً بنسبة 6% مقارنة بالعام الذي سبقه. ومع أن هذا المعدل شهد انخفاضاً طفيفاً عنه في عام 2016 (7%)، فإن المؤشرات تدل بقوة على قدرة القطاع على تحقيق النمو على المدى الطويل، وهو ما تجلى في أول إصدارات السعودية من الصكوك الدولية بقيمة 9 مليارات دولار عام 2017، وهو الأضخم في السوق حتى تاريخه. ويُتوقع أن تتراوح قيمة إصدارات الصكوك حول العالم بين 70 و80 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام، بعد أن وصلت إلى أعلى قيمة لها خلال ثلاث سنوات في عام 2017، وذلك بواقع 97.9 مليار دولار أميركي . إلا أن الصيرفة الإسلامية تبقى العامل الرئيسي في نمو قطاع التمويل الإسلامي، مع توقعات لها بالنمو وفق معدل وسطي يبلغ 9.5% في السنة، لتصل قيمتها إلى 3.8 تريليونات دولار بحلول 2022؛ حيث تلعب الإمارات والسعودية وماليزيا الدور الأبرز في تحقيق هذا النمو. وقال شيبير أحمد، رئيس قسم التمويل والصيرفة في الشرق الأوسط ورئيس قسم التمويل الإسلامي العالمي والشريك لدى وينستون آند سترون: إن قطاع الصيرفة الإسلامية واصل النمو بزخم إيجابي، وهو ما تجلى في إجراء العديد من التعاملات الجديرة بالانتباه في السنوات الأخيرة. ووفقاً للتقارير، وبينما سجل النمو الإجمالي للإقراض في مختلف أنواع المصارف تباطؤاً بين عامي 2013 و2017، فإن المصارف الإسلامية حققت نمواً بمعدل 6.9%، مقارنة بـ 3.7% في قطاع المصارف التقليدية. وفي هذا الإطار، تواصل المصارف الإسلامية في منطقة مجلس التعاون الخليجي أداءها القوي، مدعومة بعدد من العوامل المحفزة للنمو كالتحضيرات لمعرض «إكسبو 2020 دبي»، و«رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، واللذين يستندان إلى زيادة في الإنفاق الحكومي في البلدين. مؤشرات إيجابية للنمو وأوضح أن إمكانية النمو التي تتيحها الصيرفة الإسلامية وجدت تربة خصبة في دول لا تُعد من الحواضن التقليدية للقطاع، ومنها على سبيل المثال المملكة المتحدة، والتي تشهد تنامي شبكة المصارف الإسلامية على أراضيها. ولعب التمويل الإسلامي دوراً مهماً في تطوير المشاريع العقارية التجارية في البلاد على وجه التحديد، كصفقات تمويل المصارف الإسلامية لمشاريع «ذا شارد» و«القرية الأولمبية» و«لندن غيتواي»؛ حيث يرجح أن يتسارع النمو في أعقاب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، والذي يدفعها إلى إبداء اهتمام متزايد بالتمويل الإسلامي انطلاقاً من هدفها في توسيع علاقاتها الاقتصادية مع الدول من خارج الاتحاد. كما يرشح الخبراء إفريقيا لتكون أحدث الأسواق الحدودية في قطاع التمويل الإسلامي، حيث قدر «مجلس الخدمات المالية الإسلامية» قيمة قطاع الخدمات المالية الإسلامية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بـ 30 مليار دولار في عام 2017. ومن جانب آخر، يتزايد التركيز العالمي أخيراً على استخدام التكنولوجيا الماليّة (المعروفة اختصاراً بـ«فينتك») في مجال التمويل الإسلامي، وإن كان هذا الاتجاه لا يزال في مراحله الباكرة؛ وذلك بفضل ازدياد الطلب والدعم التشريعي وتنامي الوعي بأهمية اعتماد هذه التكنولوجيا في أوساط الناشطين في سوق التمويل الإسلامي. تحديات وأشار شيبير أحمد إلى أنه على الرغم من وجود العديد من الأسباب التي تدفع إلى التفاؤل بمستقبل قطاع التمويل الإسلامي، فإن الأخير لا يزال يواجه عدداً من التحديات التي تحول دون منافسته لقطاع الصيرفة التقليدي. ولعل أبرز الجوانب التي تحد من نمو قطاع المصارف الإسلامية تتمثل في قاعدة رأس المال والمرونة المحدودة لمنتجات هذه المصارف. كما يُتوقع أن تسعى الحكومات والهيئات التشريعية إلى العمل على ضمان التنمية المستدامة للقطاع من خلال تحسين التشريعات والمعايير الناظمة، وذلك في سبيل توسيع سوق التمويل المصرفي الإسلامي. ومن أهم الإصلاحات المطلوبة إلغاء الضرائب المزدوجة، وتقليل الضرائب على التعاملات المستندة إلى الأصول، والتي تُشكل العماد الرئيسي لهيكليات التمويل الإسلامية. توحيد المعايير وقال إنه مع تزايد الحاجة الملحة إلى وضع إطار معياري ناظم لمجال التمويل الإسلامي في الإمارات، فقد قطعت الحكومة خطوة في غاية الأهمية ضمن هذا المنحى، والتي تمثلت في تأسيس «الهيئة العليا الشرعية». وتضطلع الهيئة بدور تشريعي وطني تحت إشراف المصرف المركزي، حيث تتولى الإشراف على قطاع التمويل الإسلامي، والموافقة على المنتجات التمويلية، ووضع القواعد والمبادئ الناظمة للتعاملات المصرفية بما يتوافق مع فقه التمويل الإسلامي. واتخذت الهيئة العليا الشرعية أخيراً خطوة لافتة قد يكون من شأنها أن تؤسس لاتجاه جديد على مستوى القطاع، حيث أصدرت قراراً يفرض على المجالس الشرعية للمؤسسات المالية بالإمارات تطبيق المعايير الشرعية الصادرة عن «هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية اعتباراً من سبتمبر 2018». مستقبل واعد بعد أن أثبت نفسه كأحد أهم مصادر السيولة المالية، يبدو أن مستقبلاً واعداً ينتظر قطاع التمويل الإسلامي، وتحديداً الصيرفة الإسلامية. وبينما يواصل القطاع نموه في الحواضن التقليدية، ليعزز من منافسته لحلول التمويل التقليدية في هذه البلدان، فقد بدأ بتحقيق حضور متزايد في الأسواق الجديدة. ومع تزايد النمو الاقتصادي في منطقة مجلس التعاون الخليجي، وذلك بفضل التركيز على التنويع الاقتصادي وتطوير البنى التحتية، فإن التوقعات تشير إلى أن التمويل الإسلامي سيكتسب أهمية متزايدة في السنوات المقبلة، مع تزايد الاعتماد على المصارف الإسلامية بوصفها مصدراً مناسباً للتمويل بالتوازي مع نظيرتها التقليدية. طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :