ثقافة التسخير بريئة من التحقير ..! | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 9/22/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

مَن يُراقِب النَّاس في عمُوم الكُرَة الأرضيّة؛ يَجد أنَّ ثَقافة التَّسخير هي الثَّقَافة السَّائدة؛ ويَجب أن نُكثّفها، ونَعمل عَلى تَطويرها، وبَثّها بَين النَّاس، ولَكن مَاذا أعني بثَقافة التَّسخير..؟! إنَّ ثَقافة التَّسخير في أبسَط مَعانيها؛ هي أنَّ النَّاس لَيس فِيهم شَخصٌ مُهم وآخَر غَير مُهم، أو أنْ أحدَهم أفضَل مِن الآخَر، بَل النَّاس -وأقصد النَّاس الذين يَعملون- هُم عَلى دَرجة وَاحدة مِن حَيثُ الأهميّة والعلوّ والارتفَاع.. وقَديماً قَال البَدو: "النَّاسُ بالنَّاسِ والكُلّ بالله"..! وسأُعطي مِثالاً بَسيطاً لثَقافة التَّسخير، حَيثُ إنَّ الله جَعل النَّاس مُسخّرين لبَعضهم، حِين قَال عَزّ وجَلّ: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِياً). الزخرف الآية 32..! وإليكُم المِثَال: سَافرتُ ذَات مَرَّة مِن المَدينة المُنيرة إلَى القَصيم، وفي مُنتصف الطَّريق، في الصَّحراء اللَّاهبة، الخَالية إلَّا مِن أزيز السيّارات، وصَفير الرِّيَاح، وَجدتُ مَحطة للبَنزين، فِيها بقَالة صَغيرة ومَطعم صَغير، وحِين دَخلتُ المَطعم تَبسّمت كَثيراً لأنَّني جَائع، وتَبسّم صَاحب المَطعم لأنَّه فَاز بزبون كَبير المعدَة، سيَرفع دَخله في هَذا اليَوم.. في هَذه اللحظة تَذكَّرتُ الآية الكَريمة؛ التي تُؤكِّد عَلى أنَّ النَّاس مَسخّرين لبَعضهم، فهَذا المَطعم في عُمق الصّحراء مُسخّر لِي، يُعطيني طِعَاماً، وأنَا مُسخّر لَه أُعطيه مَالاً..! إنَّ النَّاسَ شُركَاء في إدَارة الكَون، فمَثلاً القَاضي يَحكم للمُدرِّس، والمُدرِّس يُدِّرس ابن القَاضي، والسبّاك يُصلح لِي مَنزلي، وأنَا أُعطيه مِن نقُودي، والحكومَة تُعطيني مِن نقُودها، وأنَا أُعطيها مِن وَقتي وجُهدي، وهَكذا تَدور الحيَاة..! إنَّ هَذه الثَّقافة الآن هي ثَقافة الوَسائط، التي يُنادي بِهَا مُفكّرنا الكَبير "علي حرب"، بحَيثُ يُصبح النَّاس وسطَاء وشُركَاء في الحيَاة، لَيس فِيهم أحدٌ يَتفضّل عَلى أحَد، بَل كُلٌّ يَتفضّل بعَمله، والله يَتفضّل عَلى الجَميع..! حَسناً.. ماذا بقي؟! بَقي القَول: كُلُّ هَذه الفَلسفة التي قُلتُها، وأطلتُ في شَرحها، يَختصرها بَيتٌ مِن الشِّعر يَقول: النَّاسُ لِلنَّاسِ مِنْ بَدْوٍ وَحَاضِرَةٍ بَعْضٌ لِبَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرُوا خَدَمُ تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :