أثار موقف بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي من الآثار الدستورية والقانونية المترتبة على حكم محكمة التمييز - الدائرة الجزائية الأولى - الصادر بتاريخ 8 /7 /2018 بحق العضوين الدكتور وليد مساعد الطبطبائي، والدكتور جمعان ظاهر الحربش بالحبس لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر مع الشغل، وما يترتب عليه من آثار تتمثل في طرح الموضوع على مجلس الأمة للتصويت بإسقاط عضوية المذكورين واعتراض بعض النواب على ذلك. ولمعرفة الرأي الدستوري من هذه القضية - حيث إنها قضية دستورية وليست سياسية - سنبحث الموضوع من النواحي التالية: أولاً: شروط العضوية واسقاطها.ثانياً: إجراءات إسقاط العضوية. ثالثاً: مدى انطباق شروط اسقاط العضوية على الحالة الماثلة ؟رابعاً: النتائج المترتبة على اسقاط العضوية أولاً: شروط العضوية واسقاطها: 1 - شروط العضوية:وردت الشروط المنظمة لعضوية مجلس الأمة واسقاطها في كل من الدستور واللائحة الداخلية وقانون الانتخاب. - شروط العضوية في الدستور: نصت المادة (82) من الدستور على أن: يشترط في عضو مجلس الأمة: أ - أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية. ب - أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقاً لقانون الانتخاب. جـ - ألا تقل سنه يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية. د- أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها. بجانب الشروط التي ذكرتها المادة (82) من الدستور فقد أحال البند – ب – من المادة الى شروط إضافية في قانون الانتخاب لتكون تلك الشروط جزءا لا يتجزأ من شروط الناخب التي اشترطها الدستور، وسنأتي على هذه الشروط بالتفصيل حين الحديث عن شروط الناخب في القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة وتعديلاته. - شروط العضوية في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة: رددت المادة (2) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة شروط العضوية لمجلس الأمة كما وردت في نص المادة (82) من الدستور حيث قالت: يشترط في عضو مجلس الأمة: أ- أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية وفقاً للقانون. ب- أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقاً لقانون الانتخاب. جـ- ألا تقل سنه يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية. د- أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها. كما أضافت لها شرطاً آخر وهو التمتع بالأهلية المدنية. المادة (16) - شروط العضوية وفقاً لقانون الانتخاب: وقد جاءت شروط الناخب المطلوب توافرها في عضو مجلس الأمة في قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم 35 لسنة 1962 على الوجه التالي:أ- يشترط للمرأة في الترشيح والانتخاب الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية. ( المادة 1 ) ب- ألا يكون محكوماً عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالامانة إلى أن يرد إليه اعتباره ( المادة 2 ). ج- أن يكون اسمه مدرجاً في أحد جداول الانتخابات. ( المادة 19 ) من جماع ما تقدم فإن شروط العضوية وفقاً للدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة وقانون الانتخاب هي كالتالي:أ- أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية وفقاً للقانون. ب- ألا تقل سنه يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية. جـ- أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتهاد- ألا يكون محكوماً عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالامانة إلى أن يرد إليه اعتباره. هـ- الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية. و- أن يكون اسمه مدرجاً في أحد جداول الانتخابات. ز- أن يكون متمتعاً بأهليته المدنية.2 - إسقاط العضوية: تسقط عضوية عضو مجلس الأمة وفقاً للمادة (16) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة إذا فقد العضو الشروط المنصوص عليها في المادة 82 من الدستور أو في قانون الانتخاب، وأضافت لها المادة كذلك فقدان العضو لأهليته المدنية، وهذه الشروط سواء كانت متحققة قبل انتخابه ولكنها لم تكتشف إلا بعد انتخابه أو تحققت بعد انتخابه عضواً في البرلمان. وعلى ذلك إذا فقد العضو شرطاً أو أكثر من شروط العضوية فإن إجراءات اسقاط عضويته يجب أن تتخذ.ثانياً: إجراءات اسقاط العضوية: نضمت المادة (16) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة إجراءات إسقاط العضوية حيث نصت على أن: «إذا فقد العضو أحد الشروط المنصوص عليها في المادة 82 من الدستور أو في قانون الانتخاب أو فقد أهليته المدنية سواء عرض له ذلك بعد انتخابه أو لم يعلم إلا بعد الانتخاب، أحال الرئيس الأمر إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لبحثه، وعلى اللجنة أن تستدعي العضو المذكور لسماع أقواله إذا أمكن ذلك على أن تقدم تقريرها في الأمر خلال أسبوعين على الأكثر من إحالته إليها. ويعرض التقرير على المجلس في أول جلسة تالية وللعضو أن يبدي دفاعه كذلك أمام المجلس على أن يغادر الاجتماع عند أخذ الأصوات، ويصدر قرار المجلس في الموضوع في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ عرض التقرير عليها. ولا يكون إسقاط العضوية إلا بموافقة غالبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس باستثناء العضو المعروض أمره، ويكون التصويت في هذه الحالة بالمناداة بالاسم، ويجوز للمجلس أن يقرر جعل التصويت سريا». وعلى ذلك فإن فقدان شروط العضوية يكون بإحدى طريقين:1- إما بحكم قضائي نهائي وهو الحكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف والامانة أو حكم بفقد أهليته.2 - وإما باكتشاف فقدانه لشرط من الشروط الأخرى كأن تكون سنه أقل من ثلاثين سنة أو لا يجيد القراءة والكتابة أو انه لا يتمتع بالجنسية الكويتية بصفة أصلية. ويلاحظ على الاجراءات التالي: 1 - أنها تتطلب السرعة في اتخاذها بتحديد سقف للمواعيد لا تتجاوز أسبوعين وهذا يستدعي عدم تعليق الموضوع أو التراخي في حسمه لتعلقة بعضوية نائب يشرع للأمة فلا يجوز أن يبقى وضعه معلقا. 2 - المطلوب لاسقاط العضوية غالبية خاصة أي أكثر من نصف عدد الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس بغض النظر عن عدد الحضور باستثناء العضو المعروض أمره للتصويت.3 - حيث ان هناك عضوين مطروحة عضويتيهما للاسقاط، فيجب أن يكون هناك تقريران عن كل حالة، ويصوت لكل تقرير على حدة لحساب الغالبية من الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس باستثناء العضو المعروض أمره، أي غالبية أعضاء المجلس ناقص واحد العضو الذي يصوت على إسقاط عضويته في كل حالة. ثالثاً: مدى انطباق شروط اسقاط العضوية على الحالة الماثلة ؟الحالة المعروضة حالياً هي صدور حكم نهائي وبات على العضوين بالحبس لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر مع الشغل. 1 - تعريف الجناية: حدد قانون قانون الجزاء الكويتي رقم (16) لسنة 1960 وتعديلاته الجرائم بنوعين حيث نصت المادة (2) على أن: «الجرائم في هذا القانون نوعان: الجنايات والجنح». وعرفت المادة (3) من ذات القانون الجنايات: «الجنايات هي الجرائم المعاقب عليها بالاعدام أو بالحبس المؤبد أو بالحبس الموقت مدة تزيد على ثلاث سنوات». وعلى ذلك فإن أي عقوبة تزيد في مدتها على ثلاث سنوات تعتبر جناية. وحيث ان العقوبة الصادرة على كل من الدكتور/ وليد مساعد الطبطبائي والدكتور/جمعان ظاهر الحربش عضوي مجلس الأمة هي الحبس لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر مع الشغل، فإنه لا جدال بأن هذا الحكم هو عقوبة جناية ينطبق عليها شرط إسقاط العضوية المنصوص عليه في قانون الانتخاب. 2 - ما هي سلطات المجلس ولجنة الشؤون التشريعية والقانونية حيال ذلك؟ عند مناقشة مشروع اللائحة الداخلية للمجلس في الفصل التشريعي الأول، توقف المجلس عند اقرار المادة (16) وثار خلاف حول شطر الفقرة الأولى المتعلق بسماع اللجنة لأقوال العضو المذكور إذا أمكن ذلك، حيث اعترض بعض أعضاء المجلس وطلب وجوب الاستماع لأقواله بحذف «ما أمكن ذلك»، وكان جواب الخبير الدستوري على ذلك هو: «في الواقع أضيفت كلمة أو عبارة – ما أمكن ذلك - لمواجهة حالة المحجور عليه بسبب الجنون لأن هذه حالة من حالات فقد الأهلية المدنية ولا تكون إلا بحكم قضائي، فإذا حكم قضائيا على شخص وحجر عليه، فليس للجنة أن تعقب على الحكم القضائي بعد ذلك، فوجدنا أن النص على أنه ضروري أن تسمع اللجنة أقوال العضو هو الزامها بغير المعقول لأن الرجل حكم عليه قضائيا بالحجر بسبب الجنون. فهذه العبارة أضيفت بالذات لمواجهة هذه الحالة، ويطمئن حضرات الأعضاء أن المجلس لا يقرر الاسقاط إلا بعد صدور حكم قضائي من الجهة المختصة في هذا الشأن». ويلاحظ من هذا النقاش أن حالة صدور حكم قضائي فإن اللجنة لا تعقب على حكم القضاء ولا تناقش الحكم. وهذه الحالة من الوضوح في التطبيق يمنع نقاشها ولا تشابه حالات صدور حكم بجريمة مخلة بالشرف والأمانة حيث يمكن الاختلاف عليها لعدم تحديد هذا النوع من الجرائم في قانون الجزاء الكويتي، أو صدور حكم بالامتناع عن النطق بالعقوبة أو ايقاف تنفيذ العقوبة، كلها مسائل قد تقبل الخلاف القانوني ويسعى العضو أن يصوت في أي اتجاه. أما الحالة الماثلة فانها لا تقبل الجدال فهي واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار. ومن جماع ما تقدم نرى أن صدور حكم محكمة التمييز - الدائرة الجزائية الأولى - الصادر بتاريخ 8 /7 /2018 بحق العضوين الدكتور وليد مساعد الطبطبائي والدكتور جمعان ظاهر الحربش بالحبس لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر مع الشغل يؤدي الى اسقاط عضويتيهما لانطباق نص المادة (2) من قانون رقم 35 لسنة 1962 وتعديلاته، ولا يملك المجلس غير اتباع الاجراءات التي رسمتها اللائحة لحين التصويت على اسقاط العضوية واتخاذ الاجراءات القانونية للانتخابات التكميلية. كيف تفقد العضوية؟ 1 - إما بحكم قضائي نهائي وهو الحكم على النائب بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف والامانة أو حكم بفقد أهليته.2 - إما باكتشاف فقدان النائب لشرط من الشروط الأخرى كأن يكون سنه أقل من ثلاثين سنة أو لا يجيد القراءة والكتابة أو انه لا يتمتع بالجنسية الكويتية بصفة أصلية. الإجراءات الواجب اتباعها 1 - يحيل رئيس المجلس الحكم في حالة وجود حكم أو التقرير الوارد فيه المعلومة إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لبحث الأمر. 2 - على اللجنة أن تجري بحثها باستدعاء العضو أو الأعضاء المذكورين ما أمكن ذلك كما لها أن تستدعي من تشاء من الشهود لسماع أقوالهم في الموضوع. 3 - على اللجنة أن تنهي بحثها للموضوع وترفع تقريرها للمجلس خلال أسبوعين على الأكثر من تاريخ الاحالة إليها. 4 - يعرض تقرير اللجنة على المجلس في أول جلسة تالية لمدة الاسبوعين. 5 - يمكن العضو من ابداء دفاعه أمام المجلس كذلك حتى وإن أبداه أمام اللجنة ويغادر الاجتماع عند التصويت. 6 - على المجلس أن يصدر قراره في إسقاط العضوية من عدمه خلال مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ عرض التقرير عليه. 7 - يكون التصويت على إسقاط العضوية بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس باستثناء العضو المعروض أمره ويكون التصويت بالمناداة بالاسم لوجود أغلبية خاصة، ويجوز للمجلس أن يقرر جعل التصويت سرياً. النتائج المترتبة على إسقاط العضوية ينظّم كل من الدستور واللائحة الداخلية وقانون الانتخابات اجراءات الانتخابات العامة والتكميلية. حيث تنص المادة (18) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة على أنه: «إذا خلا محل أحد أعضاء مجلس الأمة قبل نهاية مدته لأي سبب من الأسباب أعلن المجلس ذلك، وعلى رئيس المجلس أن يبلغ رئيس مجلس الوزراء فوراً بهذا الخلو لانتخاب عضو آخر وفقاً للمادة 84 من الدستور». وتنص المادة (84) من الدستور على أنه: «إذا خلا محل أحد أعضاء مجلس الأمة قبل نهاية مدته، لأي سبب من الأسباب، انتخب بدله في خلال شهرين من تاريخ إعلان المجلس هذا الخلو، وتكون مدة العضو الجديد لنهاية مدة سلفه. وإذا وقع الخلو خلال الستة أشهر السابقة على انتهاء الفصل التشريعي للمجلس فلا يجرى انتخاب عضو بديل». كما تنص المادة (18) من قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة على أنه: «يحدد ميعاد الانتخابات العامة بمرسوم، ويحدد ميعاد الانتخابات التكميلية بقرار من وزير الداخلية. ويجب أن ينشر المرسوم أو القرار قبل التاريخ المحدد للانتخابات بشهر على الأقل». وعلى ذلك فإن إجراءات الانتخابات التكميلية تكون على الوجه التالي:1 - بعد نهاية التصويت يعلن المجلس بواسطة رئيسه خلو المقعدين للعضوين اللذين تم التصويت على إسقاط عضويتهما. 2 - يبلغ رئيس المجلس رئيس مجلس الوزراء فوراً بهذا الخلو. 3 - تبدأ مدة الشهرين لاجراء الانتخابات التكميلية من تاريخ إعلان الخلو لا من تاريخ الابلاغ. 4 - يصدر وزير الداخلية قراراً يحدد فيه ميعاد الانتخابات التكميلية وينشر هذا في الجريدة الرسمية قبل شهر من تاريخ الانتخابات على الأقل.5 - يجب إجراء الانتخابات التكميلية قبل شهر فبراير وهو الشهر الذي يتم فيه تحرير جداول الانتخابات وتعديلها، وفي حالة التأخير فإنه لا يجوز إجراء الانتخابات إلا بعد يوم العشرين من شهر أبريل في حالة عدم الطعن عليها أو في نهاية يونيو بتحصن الجداول الانتخابية بصورة نهائية في حالة الطعن عليها.
مشاركة :