رحيل شاعر الناس - قاسم الرويس

  • 1/7/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يا رب ثبتّني وقوّ إيماني لا غرغرت روحي وفاضت مني وشالوا النعش ذريتي وأخواني وفالقبر حطّوني وراحوا عني هكذا دعا ربّه ضمير الإبداع الذي لم يخش في الحق لومة لائم ..ورحل بصمت بعد أن نقش حبه في قلوب الناس ..رحل بعد أن وهب ثلاثة أرباع قلبه لهموم المجتمع وقضايا الوطن وعاش آخر حياته بربع قلب ظل ينبض بالحب حتى توقف بهدوء ففاح شذى الطيب في سيرة صاحب القلب الطيّب ..رحل المثقف المبدع والشاعر المتفنن والصحفي النبيل محمد النفيعي .. رحل ببياض عزّ فيه نفسه في زمن اسودّت فيه آفاق الأيادي الممتدة للهوان.. لم يسأل يوماً عن الجحود والخذلان ولا عن الوجوه والألوان رحل وهو يقول: والخالق اللي فالكتاب سبحانه أقسم بالعصر إن القصر حفرة تراب لو عشت عمرك في قصر رحل ململماً أشتات معاناته مع المرض والخذلان بعيداً عن الدنيا الرخيصة يتمنى موتة يتجلى فيها حسن الختام رأيناها في تعليقه الصادق على صورة رجل مات ساجداً في المسجد النبوي إذ قال: كم ترخص الدنيا إذا مكتوب لك حسن الختام لو كانت الموتة كذا تمنوا الموت الآنام وعلى الرغم من مرضه الطويل إلا أن وفاته كانت مفاجئة مفجعة لمحبيه لأنه قد بشّرهم بخروجه من المستشفى وأنه في بيته بألف خير، فانهالت التهاني بسلامته تترى، ليرد على الجميع مطراً مطراً غيمة غيمة شكراً لكل الحروف دون استثناء معبراً عن تأثير هذه الحروف على قلبه النديّ، وفي اليوم التالي غرّد ناعياً ومعزياً بوفاة الشاعر الكبير رشيد الزلامي رحمه الله وما لبثنا غير ساعات قليلة إلا وخبر وفاته تتناقله وسائل الإعلام فنسأل الله أن يسكنه فسيح الجنان. رحل أبوخالد ....ولكن سيبقى ذكره الخالد في كتاب الإبداع منتظراً من يجمع صفحات شعره ونثره الكثيرة والمتناثرة بين الصحافة والانترنت لعله يكون من الشعراء الأسعد حظاً برأيه حيث قال ذات تغريدة :" أسعد الشعراء حظاً في رأيي من جمع الناس ديوانه بعد وفاته ، من فعل ذلك بنفسه تلذّذ بالشهرة وقبض ثمنها" وأنا أناشد أسرته خاصة وأصدقاءه ومحبيه عامة بالمبادرة إلى ذلك وفاء له وتوثيقاً لإبداعه وحفظاً لحقوقه الفكرية في زمن اللصوصية، ومن الصعب أن نسلّط الأضواء في هذه المساحة الضيّقة على تجربته الثرية أو فلسفته الإبداعية وهي ساطعة كسطوع اسمه وقلمه. إن فقدان أصحاب القيم والمبادئ في دنيا الثقافة والصحافة مؤلم جداً في ظل اللامبالاة التي تتعامل بها الجهات الثقافية مع المبدعين أمثال محمد النفيعي في حالات إنسانية كالمرض وكأنهم غرباء داخل وطنهم في حين هي المسؤولة عن رعايتهم وكيف لا نتألم ومحمد النفيعي ظل يعاني حتى وفاته لأنه لا يريد أن يفقد كرامته مع صحته ؟! وما يزيد الألم أن بعض تلاميذ النفيعي الذين تعلموا على يده أبجدية الإبداع ممن يشار إليهم بالبنان اليوم خذلوه أيما خذلان بل لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال عنه طيلة فترة مرضه!!.

مشاركة :