الصراع على الرئاسة يفاقم أزمة البرلمان الجزائري

  • 10/21/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أسابيع من صراع بين نواب الموالاة، وسعيد بوحجة رئيس البرلمان الجزائري، قرر مكتب المجلس النيابي إعلان منصب الرئيس شاغرا، وقد أيدت اللجنة القانونية بالهيئة القرار رغم تعارضه مع الدستور، ويرى متابعون أن عزل بوحجة يأتي في إطار الصراع على السلطة ومحاولة الموالاة الاستحواذ عليها مع اقتراب السباق الرئاسي. الجزائر - يخيم الصمت على معسكر رئيس البرلمان المخلوع سعيد بوحجة، حيث لم يصدر بوحجة أي رد فعل على قرار تنحيته، رغم الخطوات التصعيدية التي قطعها خصومه بالتوجه إلى انتخاب خليفة له على رأس الهيئة التشريعية، وبتأكيد الرأس المدبر للانقلاب أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، على عودة نشاط البرلمان بصفة طبيعية بداية من الأحد. وقطع خصوم رئيس البرلمان المخلوع خطوات كبيرة في مشروع عزل سعيد بوحجة، بعد تأييد اللجنة القانونية مقترح قرار المكتب القاضي بشغور منصب الرئيس. ويستعد نواب الموالاة لانتخاب رئيس جديد للهيئة وإعادة ترتيب أوراق البيت، مقابل التزام سعيد بوحجة الصمت ورفضه إلى الآن التعليق على التطورات الأخيرة، مما يوحي بأن الرجل لا يزال في انتظار إشارة فوقية تدعوه إلى الرحيل أو شن هجوم معاكس. ويرى متابعون للشأن السياسي الجزائري بأن “المعركة التي يديرها البرلمان بالوكالة عن أجنحة السلطة تحسبا للانتخابات الرئاسية المنتظرة في أبريل القادم، قد تكون من آخر المواجهات المحتدمة بين أنصار العهدة الخامسة لبوتفليقة وبين الرافضين لها، بما أن الإفرازات المنتظرة ستثبت أركان معسكر الموالاة وتزيح من أمامهم كل المعوقات وجيوب المقاومة”. وتحدثت مصادر مطلعة عن أن المعركة ستنتهي إلى إعادة توزيع مهام الهيئة التشريعية بين أكبر الحزبين في البلاد، حيث يجري الحديث عن صفقة سياسية بين جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، تعود بموجبها رئاسة الغرفة الأولى (المجلس الشعبي الوطني) لصديق شهاب، الرجل الثاني في حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى، ورئاسة الغرفة الثانية (مجلس الأمة) لجمال ولد عباس الرجل الأول في حزب جبهة التحرير الوطني. ووفق هذا السيناريو يكون معسكر الموالاة قد ثبّت أركانه ومهّد بالشكل اللازم الطريق لمشروع استمرار بوتفليقة في السلطة، بولاية رئاسية خامسة أو بخلق وضع استثنائي يسمح له بذلك، وهو ما ألمح له أحمد أويحيى، في ندوته الصحافية الأخيرة، حين نفى نفيا قاطعا الذهاب إلى حل البرلمان أو تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية، وهو الكلام الذي أكده أمس، حليفه جمال ولد عباس، في تصريح له أمام جمع من كوادر حزبه في العاصمة. وتذهب مصادر مطلعة إلى أن الخطوات التي حققتها الموالاة في غضون الأيام الأخيرة، رغم تنافيها مع مضمون التشريعات والقوانين المنظمة للمؤسسة التشريعية، تهدف إلى إعادة التموقع للمرحلة المقبلة، سواء مع بقاء بوتفليقة في السلطة أو سارت لغيره. وستسمح لها هذه الإجراءات أن تقطع الطريق على الأجنحة المعارضة لها داخل النظام، ولن يزعجها بذلك الذهاب لانتخابات أو وراثة السلطة بواسطة التسلسل الدستوري للسلطات، بما أن منصب الرجلين الأول والثاني في الدولة سيكون بحوزتها. إصرار معسكر الموالاة على خرق القانون من أجل فرض أجندته السياسية والتنظيمية في إحدى أهم مؤسسات الدولة، يعود إلى إدراكه بأن أي خطأ أو فشل في إدارة معركة البرلمان، ستنتهي برأسي حزبي السلطة جمال ولد عباس وأحمد أويحيى وتضيف المصادر “كل ما أثير من مبررات حول أسباب سحب الثقة من سعيد بوحجة، هي ذر للرماد في العيون، إذ أن محيط الرئاسة لم يكن مطمئنا لتحركات رئيس البرلمان في الأشهر الأخيرة، بعدما تناهى إلى علمه أن الرجل التقى ابن النظام ورئيس الحكومة السابق مولود حمروش في باريس. ولم تستبعد فرضية بلورة سيناريو استقدام الرجل لقيادة البلاد لعهدة رئاسية واحدة، تمهد لانتقال سياسي سلس، وهو ما نفاه سعيد بوحجة، وأكد في أكثر من تصريح بأنه “يبقى وفيا للرئيس بوتفليقة”. ولفتت المصادر إلى أن إصرار معسكر الموالاة على خرق القانون من أجل فرض أجندته السياسية والتنظيمية في إحدى أهم مؤسسات الدولة، يعود إلى إدراكه بأن أي خطأ أو فشل في إدارة معركة البرلمان، ستنتهي برأسي حزبي السلطة جمال ولد عباس وأحمد أويحيى. وأشارت إلى أن مسألة الإطاحة ببوحجة لا تحظى بالإجماع داخل الحزبين، وكل الأصابع موجهة إليهما، وبالتالي فإن أي تسوية خارج خطتهما لا بد أن تتم من دونهما. ومع استمرار صمت سعيد بوحجة، المثير لاستفهامات المتابعين والطبقة السياسية، خلال الأيام الأخيرة، تبقى الأنظار مشدودة لإفرازات الحراك الدائر في هرم السلطة، ونتائج التغييرات العميقة التي مست الكثير من المؤسسات الرسمية، وموقف العسكر من الاستحقاق الرئاسي القادم، ومن مشروع استمرار بوتفليقة في السلطة. ويطرح ذلك بشكل لافت بعد أن طفا إلى السطح، توتر العلاقة بين محيط الرئاسة ومؤسسة الجيش والاستعلامات في الآونة الأخيرة، وقد جرى بث ملاسنة حادة في مكالمة هاتفية بين مدير الذراع الإعلامية للرئاسة وبين ضابط سام في دائرة التحريات بجهاز الاستعلامات، مما يكشف انزعاج محيط الرئاسة من المؤسسة العسكرية، في خطوة تشير إلى أن الخلافات بلغت مرحلة متقدمة. وتنزعج الموالاة من طروحات بعض الأطراف الفاعلة في السلطة، حول استقدام شخصية وسطية تحوز على تنشئتها السلطوية وعلى ثقة المعارضة، في صورة واحد من رؤساء الحكومات السابقين، كمولود حمروش أو أحمد بن بيتور وحتى علي بن فليس، لقيادة مرحلة رئاسية انتقالية تضمن الانتقال الديمقراطي السلس في البلاد. وهو الخيار الذي يبعث صدى إيجابيا لدى بعض الدوائر في الجيش والبرلمان، مما دفع الموالاة إلى التحرك بكل الوسائل حتى ولو كانت غير قانونية، لقطع الطريق أمام هؤلاء، والإطاحة بأحد رؤوس المشروع وهو سعيد بوحجة، الذي تعمدت تسريب معارضته للعهدة الخامسة، لتزكية وشرعنة مشروع إسقاطه من رئاسة البرلمان. وعارضت أغلب قوى المعارضة في البرلمان وفي مقدمتها حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي)، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني)، والتحالف من أجل العدالة والنهضة والبناء (إسلامي)، قرار عزل بوحجة رغم وقوفها على الحياد في الأزمة. ووصفت بيانات صادرة عن هذه الأحزاب القرار بـ”الانقلاب” كون منصب الرئيس لم يشهد شغورا، وسعيد بوحجة يرفض فقط التنحي لأنه منتخب لولاية من خمس سنوات بين (2017 و2022).

مشاركة :