الأدوية المهدئة (وهي غير المخدرة) تباع في الغرب في كل صيدلية يديرها صيدليّ قانوني مُحلّف ومرخّص. وتُصرف الأدوية بالكمية المقررة من الطبيب المرخّص أيضا . ومن يتعدى حدود المهنة ولو بصرف حبة زيادة يُكلفه ذلك الكثير، قد يكون شطب السجل من بينها.. والحذر في بلادنا أكثر منه في البلدان الأخرى. ويُعاني الناس وبالأخص كبار السن من الدوران من صيدلية لأخرى للبحث عن دواء عادي جدا يجلب النوم مثلا أو يزيل القلق، وذاك الدواء موصوف له من طبيب مرخّص، ودفع ثمن الزيارة. وتنتهي دوراته في سوق سوداء يجعلون قيمة الجرعات كبيرة. الأدوية النفسية في الغرب شيء عادي، ولا يُذكر أن الفرد يشتريها ل " يعدل المزاج " أو بالإنجليزية (To get high)، وإن ظروفه العمرية أو الذهنية تستدعي تناوله الدواء الموصوف. ولو أراد الغربي (To get High) فما أكثر الوسائل. وهذا الذي لا يجعل الطبيب يشك بأن ادعاء المريض بالقلق حيلة. وليس عندي احصائية أو إثبات بحثي لكنني أقول إن رواج الكبتاجون واستثمار تهريبه إلى بلادنا أكثر من غيره هو التحفظ الزائد على العلاجات العلمية والنفسية التي نمارسها،فالتوجه العام لدى السلطات أن الأدوية المهدئة يمكن استعمالها للمتعة والنشوة ، بينما هي صُنعت لأمر مختلف تماما، فهناك مرضى الخوف وأيضا المكتئبون نتيجة نازلة اجتماعية أو عاطفية، وأيضا كبار السن، وكل أولئك ينصح الطب بإعطائهم تلك العلاجات العلمية العصرية والمؤقتة لحين زوال السبب. إن ظلت الحال على ما هي عليه الآن فستزدهر سوق التهريب والأسواق غير القانونية ولن يكون هذا في صالح البلد. بقولي هذا لا أدعو إلى جعل تلك الأدوية متاحة لكل من يطلبها، بل أدعو إلى وجود مشروع لتنظيم عملية بيعها بالصيدليات وبرخص قانونية تراعي المهنية في العمل وتخشى عقاب إساءة الاستعمال. ورغم تطور وتعدد الأدوية المهدئة، ما زال الخوف والقلق من الآثار الجانبية المحتملة للدواء يرافق كل من يضطر للبحث عن علاج الخوف أو الاكتئاب، إضافة إلى التخوف من إمكانية تحول تعاطي الدواء إلى إدمان أو فقدان فعالية الحبوب مع الوقت، لكن الالتزام بالتوجيهات والإرشادات والجرعة المسموح بها هو دافع مصنّعي تلك الأدوية. والمأمول الوصول إلى وسيلة عصرية مُقننة تجعل المرء في هذه البلاد لا ينحرم مما وفره العلم، ووقف في وجه تعاطي المخدرات والمشروبات القوية التي تذهب بالعقل.