«فاجعة البحر الميت» تهز الأردنيين

  • 10/26/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عمان – مؤيد أبو صبيح – «يوم أسود في حياة الأردنيين» جراء موت 21 مواطنا جلّهم من طلاب مدرسة تتراوح أعمارهم بين 11 سنة و14 سنة أغلبهم كانوا في رحلة مدرسية إلى منطقة البحر الميت (غرب عمان)، فيما أصيب نحو 44، ولا يزال العشرات في عداد المفقودين. ومن بين المتوفين ثلاثة عراقيين هم طالبان، وفتاة في العشرينات من العمر يعتقد بأنها كانت مرافقة للرحلة المدرسية. ومن بين القتلى أناس آخرون كانوا يتنزهون في تلك المنطقة السياحية التي يطلق عليها اسم المياه الساخنة، ودهمتهم السيول، كما أن من بين الجرحى رجال أمن كانوا يشاركون في عمليات الإنقاذ. واستؤنفت عمليات البحث مع ساعات الصباح الأولى بعد توقفها في ساعة متأخرة من الليل. وقال شهود ان المأساة كبيرة وأعداد الوفيات قد ترتفع، وسط حالة من الذعر والسخط والحزن، مع المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الحادثة. وفي حين نكس الديوان الملكي الهاشمي علم السارية عند بواباته لمدة ثلاثة أيام حدادا على أرواح الضحايا، قال الملك عبدالله الثاني في تغريده له على «تويتر» «حزني وألمي شديدين وكبيرين، ولا يوازيهما إلا غضبي على كل من قصر في اتخاذ الإجراءات لمنع وقوع الحادثة». وترأس الملك، الذي الغى مشاركة له في حوار المنامة الذي انطلق أمس، مجلس السياسات الوطني لبحت تداعيات الفاجعة. من جانب آخر، دعا الملك الى تحديد الجهة التي تتحمّل المسؤولية، وأكد ضرورة أن يكون هناك تقرير يحدد بدقة تفاصيل ما حدث بالضبط، والعمل بشفافية لتحديد المسؤول، موضحا ان «ما حدث أثّر في قلوب كل الأردنيين، وفي قلوب الناس بالإقليم والعالم، الذين عبّروا عن تضامنهم مع الأردن». فيما عقد مجلس الوزراء جلسة طارئة واستنفرت جميع الأجهزة الأمنية في البحث عن المتوفين والمفقودين، واستعين بالحكومة الإسرائيلية التي بدورها أوفدت طائرات عمودية وغواصين للمساعدة، اعتقادا بأن السيول قد تكون سحبت جثث المتوفين إلى الجانب الاسرائيلي من البحر الميت، في وقت نفت فيه عمان نقل مصابين للمستشفيات الإسرائيلية. وأعلنت مديرية الأمن العام في بيان عن «إغلاق الطرق المؤدية إلى مكان عمليات البحث بالاتجاهين في منطقة البحر الميت وذلك لاستمرار عمليات البحث والإنقاذ»، داعية المواطنين إلى تجنب تلك الطرق. وأعلن الديوان الملكي الحداد لمدة ثلاثة أيام على «الضحايا»، كما نكست الأعلام في جميع أنحاء المملكة. وأقامت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية صلاة الغائب في جميع المساجد على أرواح المتوفين. وقالت مصادر مطلعة في وزارة التربية والتعليم لـ القبس إن المدرسة التي تعود لها الحافلة تمتلكها سيدة عراقية تقيم في المملكة، وكان من قبل أثير حولها العديد من القضايا وفتحت لجان تحقيق بحقها. وحاولت الوزارة التنصل من مسؤوليتها عن منح المدرسة تصريحا للقيام بالرحلة بنشر موافقتها على الرحلة قبل أسبوعين من وقوع الفاجعة، حيث كانت الرحلة مقررة لمدينة الأرزق (شرق) وليس البحر الميت، لكن المدرسة ردت بالقول إن الوزارة لا تعلم أن وادي الأزرق هو في «البحر الميت» وتمارس فيه سياحة المغامرات. وفي هذا الإطار أعلن نواب عزمهم استجواب وزير التربية عزمي محافظة، الأحد، فيما طالبت الحركة الإسلامية الحكومة بفتح تحقيق في الحادثة ومكاشفة الشعب بالنتائج. من جهته، قال وزير التربية إن الوزارة ستفتح تحقيقا شاملا للوقوف على حقيقة ما جرى، محملا المسؤولية كاملة إلى منظم الرحلة. وتلقى الملك عبد الله الثاني اتصالات تعزية من قادة الدول العربية، كان اولها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس. أمهات ثكالى وآباء غاضبون أمام «الطب الشرعي»والدة طفل متوفَّى: كل النار التي في قلبي لن تدفئك من برد الثلاجة   حضرت القبس أمس أمام قسم الطب الشرعي بمستشفى البشير الحكومي، واستمعت إلى قصص وحكايات من ذوي الضحايا. وقالت والدة طفل متوفَّى، والدمع في عينيها «ذهب ابني وذهب قلبي معه.. اليوم كتبت شهادة وفاتي.. يا ثلاجة الموتى كوني بردا وسلاما». وتتابع: «لم أكن أرغب في ذهابه.. لكنه أصرّ على الذهاب، وانا رضخت لرغبته فهو وحيدي، وأنا لا استطيع أن أكسر بخاطره». وبصوت عال صرخ والد أحد الضحايا: «الله ينتقم من اللي كان السبب.. الإهمال والتقصير الحكومي وراء قتل ابني.. الله لا يسامح كل من كان يداً في ذلك». وكتبت والدة طفل متوفّى رثاء لابنها بـ«الفيسبوك»، قائلة: «كنت خايفة عليك من البرد، حكيتلك خد معك جاكيت تغيّر الجو، بس ما كنت عارفة انه برد الثلاجة وصقيعها اللي رح تنام فيه اليوم كل النار اللي بقلبي ما رح تدفيه، ثلاجة باردة، معتمه، وانت بتخاف من العتمة كتير». وتابعت «انا لسه عم بستناك، السما اليوم بكيت عليك كتير، بس انا لسه ما بكيت، انا عم بسمع الباب بيدق، وعم بسمع صوتك، وانت بتنادي علي وبتقلي يما رجعت! انا بوعدك اليوم لو رميت شنطتك بنص الدار ودخلت ببوطك اللي كله طين ع السجاد ما رح اصرخ عليك، اليوم أنت كنت طالع تنبسط وانأ مسامحتك لو شو ما تعمل بس خليني أشم ريحتك وأتطلع بعيونك اللي بتوزع ع الدنيا كلها فرح». وختمت «أنت تأخّرت كتير انا وإخوتك وأبوك ع الشباك بنستناك الدنيا برد وعتمة، صوت قلوبنا اللي بتصرخ وبتناديك أقوى من صوت كل العواصف اللي بره، سامعنا يا حبيبي احنا عم نستناك، طولت كثير». غواص مجاز يتحوّل إلى بطل تحوّل الغواص الشاب زاهر سعد إلى بطل في عيون الأردنيين، بعدما قام بانقاذ أربعة أطفال كانوا محاصرين بالسيول. وفي التفاصيل كان سعد في طريقه الى منزله بعد أخذه اجازة من عمله، لحضور حفل زفاف أحد اقربائه وعندما علم بالحادثة عاد فورا ولبس بدلة الغوص التي تعود له وهبّ لنجدة الأطفال. وبعد جهد منه انقذ حياة أربعة منهم، لكن زملاءه فوجئوا به، وبالعمل الذي قام به من دون علمهم، حيث قطع اجازته وعاد من دون أن يَعلم أحد.

مشاركة :