شدّني كثيرًا الإعلان المدفوع، الذي نشرته أمانة العاصمة المقدسة تحت عنوان تنمية الاستثمارات البلدية (فرصة استثمارية).. أما الهدف فهو مشاركة القطاع الخاص في استثمار (المدينة التعليمية الصحية الترفيهية). الأرض تبلغ مساحتها مليونًا ونصف مليون متر مربع، ولها واجهة ممتدة على طريق الخواجات، الذي يربط جدة بالطائف مباشرة. في نظري هذه مبادرة غير مسبوقة في تاريخ الأمانات منذ إنشائها على حد علمي، إذ اعتدنا في سالف العصر والأوان أن تذهب هذه المساحات المليونية إلى أصحاب الحظوظ الكبرى، الذين بدورهم يبيعونها على عجل لبعض هوامير العقار.. وبدورهم يُسارع هؤلاء إلى تخطيطها كيفما اتفق، ثم رصفها بأردأ ما توفر، ثم بيعها على المواطن المسكين على أمل أن تنعم بشيء من الخدمات بعد مرور عقد أو عقدين أو ثلاثة.. وكثير من المشترين فيها يبيّتون نيّة توريثها للأحفاد وما بعد الأحفاد حتى لا يمضي العمر في الانتظار. أعود إلى الإعلان المختلف طعمًا ورائحة ولونًا، والذي أعده فرصة ثمينة للمؤسسات الاقتصادية الكبرى للمساهمة في بناء الوطن، ومكة المكرمة من أغلى ما ضم هذا الوطن.. ولعلي أتوجه تحديدًا إلى البنوك! وما أدراك ما البنوك! فلديها فوائض مالية هائلة تودع جلّها في بنوك عالمية أجنبية، أو تذهب إلى قروض شخصية استهلاكية في غالبها ترفع من سقف الديون الشخصية باستمرار. هذه فرصة ليتضامن بنك أو اثنان، أو ليتعاونوا مع بعض هوامير العقار ليقدّموا شيئًا ذا بال لوطن يعطي بسخاء. وفي المقابل لا بد للأمانة من الالتفات إلى الجانب الأهم، ولا تكتفي بما يرد إلى خزينتها من مال.. المهم كيف سيتم تخطيط هذه الأرض؟ وكيف ستتم الاستفادة من المرافق المزمع إنشاؤها مستقبلًا.. رجاء ألا يتكرر ما حدث في كثير من المخططات السكنية في جدة ومكة وغيرها، إذ عانت عشوائية في التخطيط وضيق في الشوارع والطرقات وعدم توفر مواقع لأهم الخدمات مثل النظافة والإطفاء والمدارس والمرافق الحكومية المهمة مثل الشرطة والصحة والمواصلات. يا ليت المحصلة تُمثِّل نموذجًا رائعًا تسترشد به أمانات المدن الأخرى، وألاّ يقتصر الحال على تكديس مزيد من الأموال. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :