الدول التي حققت إنجازات حضارية ضخمة، ابحث عن التعليم فيها، فهو المُحرِّك الأول، والدافع الحقيقي لكل تقدُّم، وفي الوقت الذي يشتكي فيه المعلمون سوء أوضاعهم المادية، ونظرة المجتمع الدونية لهم، نجد أن المعلمين في كوريا الجنوبية يجنون الملايين، ويبلغ دخل المعلم السنوي هناك 8 ملايين دولار. تخيّل في كل العالم هناك مشاهير، في الرياضة، والفن، وفي كرة القدم، وفي البرامج التلفزيونية، وفي السينما، واليوتيوب، لكن في كوريا الجنوبية، مشاهيرهم من نوع آخر، إنهم صفوة المعلمين، هناك معلمون اشتهروا في كوريا بقوة الأداء، وبالقدرة على توصيل المعلومات، وبالتشجيع لنيل أعلى الدرجات، وفي الامتحانات الدولية للرياضيات والعلوم، هؤلاء مشاهير كوريا الجنوبية من المعلمين، الذين يُشار إليهم بالبنان، وتتابع الناس أحوالهم وأخبارهم، وسفرهم وترحالهم، وزواجهم وطلاقهم، وتلتقطهم الكاميرات أينما وُجدوا، إنه بلد غريب، يحظى فيه التعليم بضغط اجتماعي هائل، ليبرز عندهم مشاهير المعلمين. هذه الصناعة، وهذا التقدم التقني الهائل في كوريا الجنوبية، يقف خلفه نظام تعليمي قوي، والسؤال: لماذا لا نحظى بمثل هذا النظام، ونحن نُنفق ربع دخلنا القومي على التعليم؟ المسألة ليست في الإنفاق المالي وحده، ولو أنه مهم، لكن الأهم هو الاهتمام والتركيز، والاحترام والتبجيل الذي يحصل عليه المعلم، والشهادة بدوره الإنمائي والحيوي في مسيرة التقدم، هذه المكانة الاجتماعية المرموقة، هي التي أعطت للتعليم قيمته، وأعادت له الهيبة. في الوقت الذي يتنافس فيه الشباب والفتيان في العالم على برامج التواصل الاجتماعي، يعتبر أكثر المواقع شعبية في كوريا الجنوبية، موقع (الهاجون)، وهو موقع لتدريس مادة الرياضيات أونلاين بشكل خاص بعد المدرسة، وإعداد الطلاب لامتحانات (سات) الدولية، و(سات) له شأن آخر في كوريا الجنوبية، فهو حُلم الشباب والفتيات، وباسمه وحوله، تنظم الأشعار والقصائد، ويتغنى باسمه كبار الفنانين، وتغنيه أجمل الفنانات، ويستضاف باسمه كبار المسؤولين في الدولة. #القيادة_نتائج_لا_أقوال في عام 2012، حصلت الولايات المتحدة، في امتحان التقويم العالمي للطلاب، بيزا، الذي تنظمه وتشرف عليه أقوى مؤسسة تعليمية في العالم اليوم، بيرسون، على المرتبة 36 في الرياضيات، و28 في العلوم، و24 في القراءة، بينما حصلت كوريا الجنوبية على المرتبة الأولى.