الثورة الرقمية ماضية في آسيا من دون أي بوادر تشير إلى تباطئها. فمن شركات التجارة الإلكترونية العملاقة، مثل Alibaba في الصين، وRakuten في اليابان، إلى الشركات التقنية البادئة للمدفوعات الرقمية مثل Go-Jek في إندونيسيا وPaytm في الهند، واستخدام الروبوتات الصناعية على نطاق واسع في الصناعة التحويلية، تُحْدِث «الرقمنة» تحولا متواصلا في طريقة عمل مؤسسات الأعمال في المنطقة. وتواصل "الرقمنة" تغييراتها في أسلوب عمل الحكومات أيضا. فبفضلها يستطيع صناع السياسات الوصول إلى قدر أكبر من البيانات الحديثة والدقيقة. ومع توافر معلومات أفضل، يمكن للحكومات تصميم وتنفيذ سياسات أفضل، مثل تحسين الامتثال الضريبي، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي. والواقع أن استخدام الحكومات الآسيوية التكنولوجيات الرقمية في إدارة المالية العامة بدأ يُحْدِث تحولا مباشرا في حياة الملايين، لكن الاستفادة القصوى من ثمار "الرقمنة" تتطلب من صناع السياسات إجراءات شاملة على عدة أصعدة. منافع الحكومة الإلكترونية ومن الأمور المهمة في هذا الصدد، أن "الرقمنة" يمكن أن تجعل الحكومات أكثر إنصافا وكفاءة، وهو ما تدلل عليه تجربة الهند مع نظام Aadhaar، النظام الأكبر في العالم لتحديد الهوية بالمقاييس البيومترية، الذي يتيح رقم هوية يتألف من 12 خانة لعدد 1.2 مليار نسمة يقيمون في الهند. ويرتبط نظام تحديد الهوية بمختلف البرامج الاجتماعية، بما فيها برنامج دعم الغاز البترولي المسال. ففي عام 2013، قامت الحكومة بربط أرقام المستفيدين من نظام Aadhaar ببرنامج الغاز البترولي المسال، ما ساعد على منع المطالبات من مستفيدين وهميين أو المطالبات المكررة. وإضافة إلى ذلك، أصبحت الحكومة تحول الدعم مباشرة إلى الحسابات المصرفية المرتبطة بنظام Aadhaar، ما جعلها تتجاوز الوسطاء، وتُحسن الدعم الذي تقدمه للفقراء. وفي الفلبين، يعمل السجل الرقمي – Listahanan – بوابة لما يصل إلى 52 برنامجا اجتماعيا، تراوح بين التحويلات النقدية والمساعدات الطارئة، ويغطي المسجلون فيه 75 في المائة من السكان. وفي إندونيسيا، يبدو أن السجلات الاجتماعية الرقمية ساعدت أيضا على توسيع النطاق الذي تغطيه برامج التحويلات النقدية المشروطة. وحتى في البلدان التي لا تزال "الرقمنة" فيها وليدة، نلاحظ إطلاق مبادرات متزايدة في هذا المجال. وتستطيع "الرقمنة" تحسين توصيل الخدمات العامة. ففي بنجلادش - على سبيل المثال - تُستخدم عدادات المياه الذكية لمراقبة جودة المياه. ويمكن للمبادرات الرقمية أن تساعد أيضا على إدارة المالية العامة، على غرار أداة التقييم الإلكترونية e-Tool، التي ساعدت بوتان على توحيد المعايير المستخدمة في تقييم واختيار مشروعات الاستثمار العام. وتتجاوز المنافع جانب الإنفاق. فعلى جانب الإيرادات أيضا، تنتشر مبادرات الإقرار الإلكتروني والدفع الإلكتروني والجمارك الإلكترونية في سياق الإدارة الضريبية في سنغافورة وماليزيا وفيتنام وإندونيسيا وتايلاند، وكلها تؤتي الثمار المرجوة منها. ففي ماليزيا، أدت الجهود الجارية في مجالي الإقرار الإلكتروني والمدفوعات الإلكترونية إلى تقصير المدة التي يستغرقها الامتثال 30 في المائة. .. يتبع.
مشاركة :