المهووسون بالجحود والنكران

  • 11/1/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لا تُكْشف لعبة من لعب المزايدة إلا ويسعى مدمنوها إلى لعبة أخرى، يتلذذ هؤلاء المدمنون بالعبث في ميادين ليست لهم ولا يحمل التاريخ على امتداده وتعرجاته ومنحنياته ما يبعث على أن يكونوا والصدق على بعد مرمى قريب. كانت القضية الفلسطينية ولا تزال قضية العرب الأولى، ولكن ثمة من العرب من لا يراها قضيته إلا متى ما أراد العبور بها ومن خلالها للأجندات والأهداف ومسرح الخيبات والخيانات والطعن في الظهر، وهي مهام باتت معروفة الأشخاص وواضحة النوايا وإن تناوب في تنفيذها عدد كبير من اللاعبين. لن تختلف مع عاقل عن مواقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية منذ لحظتها الأولى، هي مواقف ممتزجة بكل ما يمكن أن يكون من وطن ثقيل وشجاع، وإن تعددت مفاصل هذه المواقف مالاً وعاطفةً وحراكاً وعملاً وأملاً، والتاريخ لهذا الحضور الثري الكبير خير شاهد ومدون، لكن بعض العرب مبتلون بالجحود والنكران وعض اليد التي امتدت لهم ساعة بؤس، نحن وللحق مبتلون بمن تختلط فيه العصبية بماء الكراهية، ومن يحب أن يتربع في صدر القضايا بالتنظير والصراخ ولي عنق الحقائق لا لشيء إلا لأنها لا تعجبه ولا تروق له، وأتت من المكان الذي لا يريد أن يقول عنه جملتين صادقتين على الأقل حين تصبح الأجواء ممتلئة بضجيج المطالبات بالوضوح والنقاء والشفافية، فيما أن الضمير يستتر على الطرح الرخيص والعمالة مدفوعة الثمن. حين يصبح المتباهون بالعروبة على قلب رجل واحد حينها يمكن أن نستيقظ على آمالنا التي لم نتوقف عن النشيد بها، وحين يترك بعض العرب المراوغة في الاعتراف بمن حمل هم قضايا أمتهم لعقود فيمكن عندها أن نعرف أين هي نقاط ضعفنا وكيف سنمضي في مواجهة جراحنا استناداً الى نقاط القوة التي لم تعد بتلك المتانة عاماً بعد عام. لم يكن للغرب أن يمضي قدماً في استفزاز الشارع العربي واتخاذ ما يحلو له من قرارات وتغييرات إلا لأنه أدرك وآمن مع التجربة في محاولات الاستفزاز أن حد العرب لا يتجاوز حاجز الشجب والاستنكار ورفع الصوت فيما بينهم، وعقد الاجتماعات الطارئة التي يقال فيها على الطاولة عكس ما تفعله خطوات الأقدام واتصالات المساء ولقاءات ما وراء الكواليس. نحن لم نعش على المدى الطويل في حرج احتضان نكبة وأخرى إلا لأن بيننا من النكبات العقلية ما يكفي للتشاؤم في تمريرنا كضحايا لمشاريع التحريض والتأزيم والتآمر والتخوين، هذه النكبات العقلية هي من تغنّي في الساعات المبكرة على أوتار رأب الصدع وضرورة لم الجهود، فيما هي تركض بكل ما أوتيت من حماس وقوة لتسهم في صناعة الفشل السياسي ووأد وحدة الصف ومحاولة حرق أوراق السلام لأن السلام بمفهومها مختلف ومختل، وبالتالي فالموقف العربي الضعيف دوماً تجاه قضاياه لم يغلف بالضعف ويحقن بالتراخي إلا لأن المعنيين بالقضايا دائماً منقسمون وكل ما أصبح الانقسام صوتاً أعلى كانت الخسائر أغلى، وهل ثمة أغلى من الدم والأرض والأحلام؟ @alialqassmi

مشاركة :