الحضور العقلي لـ«فئات معروفة» حضور مختلف متخلف، وتثبت الأحداث والقصص والمواقف والقضايا أن حاجتنا لمصحات عقلية ترتفع يوما بعد يوم، لأن كيفية التعاطي مع هذه «الفئات» آلية ليست باليسيرة وتحتاج لتعامل حاد ورصد متقن للتقلبات ومسرحية ارتداء أكثر من وجه، لستم في حاجة لمقتطفات من القضايا الصادمة والمثار إشعالها على مفردات الشك والتخوين والتآمر وقذف الناس والجحود ورمي التهم بالمجان، على اعتبار أن حقوق التوزيع حصرية ومحفوظة ومدعومة. يذهب بنا التحليل العميق للأمراض العقلية إلى أننا لا نزال نعاني من هذه الأوعية الحاضنة الراضية لما يسكب فيها بعشوائية أو انتقاء دون تمريرها على «فلاتر» التدقيق ومن ثم التأكد من جودتها أو صلاحيتها للانضمام لمنطقة الدماغ، نواجه مرضى عقليين بسلوكيات متناقضة، وكاريزما خارجية ملفتة تغريك وتجذبك لكنك تنسحب بعد لحظات بسيطة من تناول طرحها أو ربطك بين قفزاتها المتتالية من مربع لآخر، ويلزمك عقل أن تهرب حتى من الحديث والجدال معها كي لا تدخل في مأزق القول المعروف «لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما». مرض العقول ليس استثناء في المشاهد الملموسة العامة والقضايا المطروحة، لكنه مقزز حين يصاحبه مرض القلب وقديما كان الحديث عن أن فلاناً مريضٌ في عقله لإيمانهم بأن هناك خللا منذ لحظة الولادة في هذه المنطقة، لكنه قول انسحب على فئات عمرية مدججة بالشهادات أو الحضور المنبري والشعبية الجماهيرية وفوق ذاك التناقضات العجيبة، وكذلك تسلل لببغاوات مراهقة تكتب بناء على توصيات كبار المرضى العقليين أو وفق ما يقدمهم كأنشط الخراف في الحظيرة وأكثرها سمعا وطاعة. المرضى المستترون تحت الأسماء المستعارة والمدنسون لأي حدث عابر والمتاجرون بالقضايا والمروجون للكراهية والمتحمسون لتوزيع الفتن وتصفية الحسابات هم أصحاب أكثر الأمراض إزعاجا والذابحون لكل محطات ومساحات التفاؤل، هؤلاء فقط أصحاء على طاولات الطعام وفي مشاوير نقل الأقدام، وأصحاء عند منافسات طول اللسان وقدرة الأيدي على العبث بالمحتويات وزرع الألغام والأشواك ورسم الجحود الصريح في أسطر الكلام. العقل المريض نتاج للقلب المريض، فماذا يمكن أن نفعل تجاه العقول المريضة والتي تعترضها أزمات نفسية حادة تعصف بها، التنبه لهؤلاء المرضى ومواجهتهم بالقوة والإيمان وأن العطاء والقوة خير من يتحدث عنا وهما الشعار الرئيس، أما حفلات الجحود والنكران وإخراج الحقد الدفين فهي محاولات بائسة تم الاعتياد عليها ولا تقابل سوى بالصبر حينًا وضرورة تغيير كثير من الرؤى والأفكار والقناعات في المنعطف الأخير من الطريق.
مشاركة :