أدرك يقينا واعتقادا في البداية أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.. لكن بعض الأسئلة الناشئة عن ذلك تتحول إلى قلق مزمن؛ ليس له أسباب محددة، وليس له علاج نهائي! قبل فترة أعلنت قوات التحالف في اليمن استشهاد عدد من الضباط والجنود السعوديين - رحمهم الله - إثر سقوط طائرتهم، خلال تأدية مهامها في محافظة مأرب اليمنية، وبالتزامن مع الإعلان نشر أحد المقيمين من «الجنسية السورية» عبارات أقل ما توصف باللا إنسانية، تتضمن شماتة وسخرية بالحادثة.. وهو الذي دفع الشركة التي يعمل لديها بالتبرؤ فورا من فعلته الدنيئة، مؤكدة للرأي المحلي أنه قد تم استدعاء المذكور من قبل الجهات الأمنية المختصة، وجار التحقيق معه.. شخصيا لم أستغرب هذا الفعل من حيث المبدأ.. تعودنا على الجحود والنكران، لكن ثمة سببين يجعلانه أشد إيلاما هذه المرة. السبب الأول أنه يصدر من مواطن سوري.. بينما بلادنا - وقلت هذا العام الماضي - هي الداعم الرئيس لقضية الشعب السوري الشقيق.. تحتضن 2.5 مليون سوري يعيشون وسط المجتمع وكأنهم نسيجه الخالص. وهناك 131 ألف طالب سوري يدرس جنبا إلى جنب مع أبنائنا في مدارس التعليم العام.. هناك أيضا أكثر من 10 آلاف طالب في التعليم الجامعي.. ولم تتوقف جهود بلادنا في مساندة الأشقاء هنا، بل ذهبت إليهم في مخيّم الزعتري؛ لخدمتهم صحيا.. السبب الثاني وهو الذي دفعني اليوم لكتابة هذا المقال، أنه يصدر من شخص يعيش في وطننا، وعلى أرضنا، ويأكل من خيرات بلادنا، وينعم بالأمن الذي فقده في بلاده - فك الله أسرها - فلا هو الذي شكر لبلادنا صنيعها الجميل.. ولا هو الذي ذهب لإنقاذ بلاده.. بل هرب وتركها للمجهول وتفرغ لعض اليد التي امتدت إليه؛ لتنتشله من الموت، والعذابات، وتمسح جراحه وتداويها. لم أجد بيتا من الشعر يصف حالتنا وعلاقتنا ببعض أشقائنا العرب كالبيت القائل: «فقل لذوي المعروف هذا جزاء من.. يجود بمعروف على غير شاكرِ»!
مشاركة :