قال الشيخ عبدالله المناعي في خطبة الجمعة إن أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية لا يستطيع أفراده أن يعيشوا متفاهمين سعداء ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة. فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت تلك الأخلاق تفكك أفراد المجتمع، وتصارعوا، وتناهبوا مصالحهم، ثم أدى بهم ذلك إلى الانهيار ثم الدمار ونحن على وشك انتخابات برلمانية محلية مقبلة بمملكتنا العزيزة وعن اخبار المترشحين وما توصلوا له من وعود انتخابية وتطلعاتهم المستقبلية أحاديث في المجالس وفي المقاهي وفي الديوانيات والنوادي تكثر الاحاديث والنقاش والجدال ليعرض برنامجه الانتخابي لأن المجالس تعتبر مكانا ملائما ومفضلا للمترشح للتعبير عن برنامجه الانتخابي وذلك بسبب حضور شخصيات ووجهاء ومفكرين وعلماء دين ومهندسين من خلال تجمعهم في تلك المجالس وخاصة هذه الأيام وحثهم على عملية التصويت، ايها المواطن الكريم انتبه واحذر من زلة اللسان، لأن اللِّسَان هُوَ مَصدَرُ الكَلِمَةِ، وَالكلمة قَد تَكُونُ طَيِّبَةً فَيُكتَسَبُ بها الأَجرُ وَتُسَبِّبُ صَلاحًا وإصلاحا، وَقَد تَكُونُ خَبِيثَةً فَتُسقِطُ هَيبَةَ قَائِلِهَا وَتُحَمِّلُهُ الوِزرَ، أو تَدعُو لِفَسَادٍ أو إِفسَادٍ. إِنَّ الكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ تُؤَلِّفُ بَينَ القُلُوبِ وَتَجمَعُ النُّفُوسَ، وَتُذهِبُ الغَيظَ وَتَجلِبُ الرِّضَا، وَتَزِيدُ السُّرُورَ وَتُزِيلُ وَحَرَ الصَّدرِ، وَتَذهَبُ بِالشَّحنَاءِ وَتَمسَحُ آثَارَ البَغضَاءِ، وَتَفتَحُ أَبوَابًا مِنَ الخَيرِ كَبِيرَةً، وَتُغلِقُ نَوَافِذَ شَرٍّ كَثِيرَةً، فَكَيفَ إذا جَمَعَ صَاحِبُهَا إِلَيهَا ابتِسَامَةً صَادِقَةً؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ: ((تَبَسُّمُكَ في وَجهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ)). وَأَمَّا الكَلِمَةُ الخَبِيثَةُ عِيَاذًا بِاللهِ، فَهِيَ لَفظٌ خَشِنٌ وَصَوتٌ نَشَازٌ، ثَقِيلَةُ الوَقعِ قَلِيلةُ النَّفعِ، تُصِمُّ الآذَانَ وَتُؤلِمُ الأسماعَ، وَتَجرَحُ الشُّعُورَ وَتُضَيِّقُ الصُّدُورَ، وَتُفسِدُ الوُدَّ وَتَكسِرُ النُّفُوسَ، وَتَجلِبُ الهَمَّ وَتَجمَعُ الغَمَّ، وَتُوقِدُ الشَّحنَاءَ وَتُشعِلُ فَتِيلَ البَغضَاءِ، وَتُوقِظُ الفِتَنَ وَتُجَدِّدُ الإِحَنَ، وَتَبعَثُ جَاهِلِيَّاتٍ نَائِمَةً وَتَفتُقُ جُرُوحًا مَنسِيَّةً، بَل وَتَفتَحُ أَبوَابًا مِنَ الشَّرِّ وَفَسَادِ ذَاتِ البَينِ. وَإِن كَانَ لا بُدَّ مِنَ النِّقَاشِ، فَليَكُنِ الجِدَالُ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ، في إِطَارِ الآدَابِ الإسلاميَّةِ لِلحِوَارِ، بِهَدَفِ الوُصُولِ إلى الحَقِّ وَالصَّوَابِ، بِلا تَحَامُلٍ عَلَى المُخَالِفِ وَلا تَقبِيحٍ لَهُ، وَبَعِيدًا عَن أُسلُوبِ الطَّعنِ وَالتَّجرِيحِ، أو الاستِهزَاءِ وَالسُّخرِيَةِ، أو الاحتِقَارِ وَالاستِصغَارِ، أو البَحثِ عَنِ مُجَرَّدِ الإِثَارَةِ وَمَحَبَّةِ الاستِفَزَازِ، وَبِلا رَفعٍ لِلصَّوتِ أو نَفخٍ لِلأَودَاجِ، فإن رَفَعَ الصَّوتِ لا يُقَوِّي حُجَّةً وَلا يَعضُدُ دَلِيلاً، وَلا يُقِيمُ بُرهَانًا وَلا يَجلِبُ إِثبَاتًا؛ بَل إِنَّ رَفعَ الصَوتِ في الغَالِبِ دَلِيلُ ضَعفِ الحُجَّةِ وَقِلَّةِ البَلاغَةِ، وَإِنَّ هُدُوءَ الصَّوتِ لَعُنوَانٌ على رَجَاحَةِ العَقلِ وَكَمَالِ الاتِّزَانِ. نعم انها نصيحة لكافة شرائح المجتمع البحريني الذي على وعد مهم للتصويت للانتخابات النيابية والبلدية للأنسب. إن الأخلاق في الإسلام ليست لونا من الترف يمكن الاستغناء عنه، وليست ثوبا يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى شاء، بل إنها ثوابت شأنها شأن الأفلاك والمدارات التي تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير الزمان لأنها الفطرة: «فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ» [الروم: 30]. فلا بد من دوام تلك الأخلاق وثباتها واستمرارها ورسوخها في حياة الناس، ولا سبيل للعيش إلا بها، ولا فوز بسعادة الدنيا والآخرة إلا بالتمسك بأواصرها.
مشاركة :