كلّف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مساء أول من أمس، رئيس السلطة القضائية السابق محمد صامد الرقاد رئاسة لجنة محايدة للوقوف على حقيقة حادثة سيول البحر الميت. وحدد عبدالله الثاني مهام اللجنة بالوقوف على حقيقة الحادثة بموضوعية وحياد، وتحديد جوانب التقصير والجهات المسؤولة بدقّة، واستخلاص الدروس والعبر للاستفادة منها في المستقبل. أتى ذلك، في وقت أنهت لجنة التحقق النيابية يومها الأول بإعلانها استقالة وزير التربية والتعليم عزمي محافظة ووزيرة السياحة لينا عناب أمامها، وسط مطالب نيابية بضرورة توسّع حلقات المحاسبة لتطاول وزارات أخرى. وقال رئيس اللجنة القانونية النيابية عبدالمنعم العودات إن اللجنة، بعد استماعها لإفادات ستة وزراء وعدد من مدراء الاختصاص ونقباء مهنيين، توصلت إلى مؤشرات أولية تفيد بوجود شبهات تقصير في مهام بعض المؤسسات والوزارات. وأتى قرار تشكيل اللجنة الملكية بعد يوم واحد من لقاء الملك بأسر ضحايا الحادثة. ورأى مراقبون أن مطالبة الملك بتشكيل لجنة تحقيق محايدة، تحتوي نقداً لمماطلة الحكومة في إعلان نتائج تحقيقها الذي يرأس أعماله نائب رئيس الوزراء الأردني رجائي المعشر. وضمّت اللجنة في عضويتها رئيس اللجنة القانونية عبدالمنعم العودات في إشارة إلى اعتماد نتائج التحقق النيابي في أعمال اللجنة الملكية، وهو ما اعتبره سياسيون «تجاوزاً لأعمال الحكومة ووضعها في خانة المساءلة السياسية عن الحادثة وتداعيات إدارة الأزمة». وأثارت قضية كارثة البحر الميت الرأي العام الأردني على مدى أيام الأسبوع الماضي، وهي الفاجعة التي راح ضحيتها ٢١ طالباً ومعلماً و٣٥ مصاباً قبل تسعة أيام، كانوا في رحلة مدرسية إلى منطقة البحر الميت وداهمتهم السيول بفعل غزارة الأمطار، وسط شبهات نيابية بوجود خطأ بشري قضى بفتح مجرى الطوارئ لسدّ ماعين الذي يبعد نحو ١٠ كم عن مناطق التنزه. وفيما حمل نواب المسؤولية للحكومة مطالبين بإقالتها، تطالب فاعليات شعبية بتحديد أوجه القصور الرسمي، ومحاكمة المقصرين المسؤولين عن الإهمال المتسبب بالكارثة، محددين مجالات الاختصاص ضمن وزارات الداخلية والتربية والتعليم والسياحة والمياه والري والصحة والدفاع المدني. وفي أول تصريح لرئيس الوزراء عمر الرزاز يوم الثلثاء الماضي، بعد خمسة أيام من الكارثة، أكد أن الحكومة تتحمل المسؤولية العملية والأدارية والأخلاقية عن حادثة البحر الميت. لكنه أوضح أن وظيفة الحكومة ليست البحث عن كبش فداء بل التحقق من الحيثيات بدقة والتعرف إلى أوجه القصور والخلل المؤسسي حتى لا تتكرر هذه المأساة.
مشاركة :