أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حاول على مدى الشهر الماضي إبقاء قضية الصحفي جمال خاشقجي مشتعلة من خلال مزاعم امتلاك التسريبات وغيرها من التفاصيل التي لم تكشف عنها منذ ما يزيد عن شهر من اختفائه. وقالت الصحيفة الأميركية خلال مقال للكاتبة “كارلوتا جال”، إن الأمر لم يكن يومًا بالنسبة لأردوغان متعلقًا بحرية الصحافة أو انتهاكات حقوق الإنسان، ولكن في واقع الأمر، فإن استخدامه للقضية باسم العدالة قد غض الطرف عن الكثير من الانتهاكات في تركيا، وهي الدولة التي وقع فيها عشرات الآلاف من المواطنين ضمن حملة قمع حكومية منذ محاولة الانقلاب في عام 2016”. وأوضحت الصحيفة أن التكتيكات التي استخدمها أردوغان ضد السعودية هي نفس الأساليب التي أتقنها ضد الأعداء السياسيين في الداخل، والتي تتمثل في التسريبات التي تُنسب إلى مصادر حكومية ويتم إبلاغها لوكالات الأنباء الصديقة، التي يستشهد بها بعد ذلك لتدمير معارضيه. وأشارت الكاتبة إلى أن هذا النهج أصبح عنصراً رئيسياً في خطط الرئيس التركي لنشر الترهيب وقمع المعارضة الداخلية، وهو الأمر الذي حاول توظيفه بشكل فعال ضد السعودية في قضية خاشقجي، مؤكدة أنه يعتمد جزئياً على وسائل الإعلام الإخبارية المتوافقة مع سياساته، والتي أسسها على مدى 16 عاماً في السلطة. وبيَنت الكاتبة أن وسائل الإعلام التي تم إمدادها بمزاعم امتلاك الأدلة في قضية خاشقجي هي نفسها التي ظلت على مدى أشهر طويلة تنشر العديد من الأمور والشبهات عن خصوم أردوغان السياسيين في الداخل، وهو ما يشير إلى أن الرئيس التركي يُسخرها لخدمته دون أن تمارس الحرية التي ظل يتشدق بها على مدار شهر كامل منذ اختفاء خاشقجي. ولفتت الكاتبة إلى حالة عثمان كافالا، والذي وصفه أردوغان بأنه “سوروس تركيا”، في إشارة إلى الملياردير جورج سوروس. وخلال الآونة الأخيرة، وبعد أن أخفق يافالا في العملية القضائية داخل تركيا، أصدر بياناً عاماً من خلال محاميه للمرة الأولى منذ احتجازه في أكتوبر من العام الماضي. وأمضى كافالا عامًا في الحبس الانفرادي في سجن ذي إجراءات أمنية مشددة دون محاكمة. وكتب: “أتمنى فقط أن يساهم وضعي في فهم الضرر الذي يلحق بمواطني الجمهورية التركية والسلطة القضائية في جمهورية تركيا من قبل هذا النظام الوديع”. وعلى غرار كافالا، تم سجن أكثر من 100،000 شخص خلال حالة الطوارئ على مدى العامين الماضيين، بما في ذلك الأكاديميين والمحامين والصحفيين وسياسيين المعارضة الذين ليس لديهم صلة واضحة بمحاولة الانقلاب. ولا يزال نحو 50 ألف شخص مسجونين بعد عامين ونصف من الانقلاب، وفقاً لأرقام نشرتها منظمة العفو الدولية، كما تم إنهاء خدمة 100.000 شخص من وظائفهم في القطاع العام بعد الانقلاب الفاشل.
مشاركة :