لا أخفي على القارئ الحبيب اهتمامى وحبى للقراءة حول التغذية والاطعمة، وربط بعض الاطعمة والمأكولات بسلوكيات الشعوب، ولعل ما اخرج به من هذا الاهتمام هو حكمة الله تعالى وقدرته، حيث اودع فى نعمه التى لا تعد ولا تحصى فوائد قد تخفى على البشر، لكنها لا تخفى على من خلقها. قد لا يدرك الكثيرون منا فوائد هذا الصنف من الطعام بل قد يكون مدعاة للتندر منا على آكليه، فإذا أدركنا مع تقدم العلم ما فى هذا الطعام من فوائد، لم نجد امامنا سوى أن نقول : سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. وربما كان الفول وهو من الاطعمة الرئيسية عند بعض الشعوب، ومعروف فى العالم كله شرقا وغربا، حتى وجدناه معلبا ومصدرا لبلادنا من الصين وأمريكا وغيرهما، مع انه من المفترض، وهو غذاء أساسي عند الكثيرين، أن نكون نحن العرب المنتجين له بل والمصدرين له إلى العالم كله. لقد ظلم البعض منا الفول ربما لاشتراك الانسان مع الحيوان فى أكله، مع ان الحيوان يشاركنا فى كثير من الاطعمة، بل وفى الماء والهواء، فهو خلق من مخلوقات الله تعالى، بل تمادى البعض فى التندر على أكلة الفول وزعموا ان هذا الطعام سبب فى الغباء، أي والله، مع ان الواقع ينبئنا بأن كثيرا من الدول التى يمثل الفول فيها طبقا رئيسا على مائدة مواطنيها، يتمتع اهلها بالذكاء ويسهمون بذكائهم هذا فى نهضة بلادهم وتقدمها. وشاءت الاقدار أن يبرأ الفول من هذه التهمة الشنعاء، إذ اثبتت الابحاث العلمية التى اجريت على الفول وآكليه، أن الفول يجلب السعادة للانسان لاحتوائه على مادة (التروبتوفان)، وهو حمض أمينى يدخل فى بناء ثلاثة من انواع البروتين التى تسبب السعادة، وهذه الانواع: السيروتوفين وهو هرمون السرور والانشراح، وله دور كبير فى عمليه النوم واعتدال المزاج وفتح الشهية، والثانى هو هرمون (الميلاتونين) وله دور رئيس فى تنظيم الساعة البيولوجية فى الانسان، وتنظيم عملية النوم، ومضاد للأكسدة، ومنشط فعال وقوي للمناعة وله دور كبير فى تأخير الشيخوخة، ويتناوله الناس الآن كدواء منفصل لإحداث كل هذه المزايا التى أشرت اليها، اما الثالث فهو هرمون (النياسين) وهو فيتامين (ب 3)، وله فائدة كبرى فى انتاج الطاقة وسهولة الهضم وبخاصة عند مرضى السكر، بل ان نقص هذا الهرمون يسبب القلق والعصبية الزائدة. هذا ما اثبتته الابحاث الحديثة، اما مزايا الفول القديمة المعروفة من قبل فتتمثل فى احتوائه على معادن مهمة للغاية مثل الحديد والزنك والماغنسيوم والبوتاسيوم والنحاس ويحمي من السرطان نظرا لغناه بالالياف، كما يحتوى كذلك على حمض (الارجنين) الاميني الذى يرفع المناعة ويخفض الكوليسترول فى الدم وينشر هرمون النمو، ويساعد فى التخلص من الغازات الضارة والامونيا، ويولد اكسيد النيتريك الذى يوسع الاوعية الدموية. ولعل احدث ما اثبتته الابحاث العالمية منذ ايام هو ان الجسم يحتاج الى الفول لإصلاح وترميم الـ(DNA) والاستفادة المثلى من الكالسيوم. بعد هذه الفوائد العديدة للفول، اعتقد أننا بحاجة الى تنويع طعامنا فلا نحرم انفسنا من خيرات الله ونعمه، جريا وراء اكاذيب واتهامات للفول، الذى برأته الابحاث العلمية العالمية من اتهامه بالتسبب فى الغباء. لا تظلموا الفول، فالعيب ربما يكون فى آكليه، لا فيه.
مشاركة :