فلسفة الفن عند نيتشه وفيحان - مها محمد الشريف

  • 1/17/2015
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

يحتل الفن عند نيتشه مكانة الصدارة ويحمل خصائص موضوعية تسمح له باستنباط البعد الجمالي، وجعله هدف التكوين الأخلاقي للناس، فالحقيقة التي يجري الحديث عنها تقع تحت اسم الفن إذا كان الفنان يعلم كيف يبرر نفسه مسبقاً عبر نتاجه على حد قول نيتشه. فمن البداهة لابد أن يكون الفن تجاوز حدوده إلى نشاط يُمارس للظهور أمام الناس بشتى الطرق تمثيلاً للحياة لكي تبقى ممكنة تخفف من وطأة الحزن والملل والضغوط بشكل أشمل. إذن، لابد من ربط الذوق بالوعي والأخلاق والمفاهيم ومراعاة اختلاف العقول وألا يكون نسخة مشوهة تسيء للفن وللذوق العام مقابل مصالح خاصة تخلق أوهاماً تعجز عن التعبير والتمييز، وتلجأ إلى التهريج والإسفاف والابتذال، فيما اعتبر نيتشه الموسيقى عاملاً حاسماً في الاحتفال التراجيدي، وليس غريباً أن يهدي كتابه "ميلاد التراجيديا"للموسيقارالعالمي الكبير فاغنر مؤمناً بأن الموسيقى في نظره تعبر عن الروح والأشياء، ولكي يرسل رسالة إلى العالم أن الفن عالمي رفيع المستوى. وبما أن التقنية لها دور كبير في كل ما يدور حولنا وساعدت على التطور ورفعت من قيمة إنتاج الأعمال الفنية وشاركت في الانتشار السريع لكثير من المبتدئين والمحترفين عبر القنوات الإعلامية، أما إذا افترضنا أن الفنان كان قادراً على أن يعبئ الفراغ الزمني بحضوره ووفق اجتهاده بعيداً عن الصدف والقيمة التجارية، فهو سيعتلي منصة الأحلام ويحقق مايريد منها، ويحيل مايقدمه إلى مستوى راقٍ يجد الناس حوله متفائلين به ويمنحونه مكانة مرموقة. السؤال الذي يجب طرحه: ماذا سيكتب التاريخ عن الشخصيات المحلية التي حالفها الحظ والناس وتصدرت قائمة المشاهير على الصعيد المحلي؟ وكيف سيتم تصنيف إنتاجهم الفني وكتبهم وعطورهم التي تحمل أسماءهم؟ وفي هذا السياق نجد أن سبب هبوط الأعمال الفنية ضآلة الخبرة وشح الموارد العلمية في هذا التخصص لذلك صعب من الصعود إلى القمم، ومصاف المحترفين العالميين الذين احترفوا الفن كمهنة أهلتهم للقيام بالأدوار من خلال دراسة وثقافة موسوعية، على اعتبارها وظيفة ينتظر منها دخلاً مادياً يكسب منه مكانة مميزة في مجتمعه، ويصنع نجومية لها رسالة في الحياة وليس تهريجاً محبطاً. وعلى المستوى العالمي فإن أهم الشخصيات المرموقة والأكثر شهرة وثراء لها قائمة تزخر بالنجومية في هوليوود، لم تنجح بين عشية وضحاها وإنما استغرق ذلك عمرا كاملاً، وبشكل أدق أن أصحاب الأدوار الكوميدية اعتمدوا على إمكانية الممثل وحرصه الشديد على ما يقوم به لأن النجاح يستدعي المثابرة والوعي الثقافي والجدية والبحث عن كاتب يمتلك قوة في الدراما والكوميديا يقدم بامتياز مادة تجذب اهتمام المشاهد وتنال استحسانه وتفوز بقناعته. أما إذا تعرضت إلى أذى يمس ذائقتك ويحيط بك في كل مكان تقصده في البيت والشارع والعمل ويرغمك على مشاهدة لا تحبذها، ومقاطع فيديو تتسلل عبر أجهزتك الذكية لتغزو واقعك، وتحملك على الضحك بسخرية مما تسلل إليك، فهي ممارسة عشوائية للظهور وليست فناً على الإطلاق إننا نطالب بدرجة لا تقل عن الإبداع والإتقان في الكوميديا المحلية، فبناء الحس المشترك يعني القوة التي تؤهل إلى تقديم الأفضل. فإذا كان الأمر كذلك، فإننا ننتظر أعمالاً شابة محلية تحاول تحسين الإنتاج وترفع قيمة الأدوار بداية من قناة اليوتيوب إلى الفضائيات، غير أن هناك أسماء كثيرة تتصف بالبساطة والفكاهة والعفوية تسللت إلى قلوب الصغار والكبار، لكن قدراتها متواضعة لم تتطور، يتابعها مئات الآلاف من الناس ما سبب خيبة أمل كبيرة للجماهير، فلابد أن يأخذ كل فنان على عاتقه أن الفن رسالة لجعل الحياة أكثر ملاءمة.

مشاركة :