فلسفة العلم - مهـا محمد الشريف

  • 10/20/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لا يكف العلم عن مراجعة تحولاته وإسهامه الأساسي بالمنطق وحقيقة الفهم ويوضح ما كان غامضاً بمعية الحكمة أي الفلسفة لتحرير الحقيقة من ذلك الغموض، فالعلم يخلق أمجاداً من العدم، ويظل هذا الدرس الذي على اختلاف تقنياته يتنوع بتنوع أشكال استخدامه لكي تظل الفلسفة هي الحد الفاصل بين العلم والميثولوجيا. فالعلم قد يصل إلى مراحل متقدمة ويقف عندها باستثناء الفلسفة التي تبقى منوطة بالعالم المحيط بها الذي يستغرق انتباهها ويستهلك اهتمامها، ويأتي هذا القول لنيوتن كدلالة على ما سبق ذكره: (أنا لا أعرف كيف أبدو للعالم غير أني أرى نفسي كصبي يلعب على شاطئ البحر، أتسلى من حين لآخر بإيجاد حصاة ناعمة أو قوقعة جميلة للغاية، لكن في الواقع هناك محيط كبير من الحقائق غير المكتشفة ما زال خلفي). لقد كتب نيوتن هذه العبارة مدركاً تمام الإدراك أن في هذا العالم الكثير مما يستحق التأمل والاكتشاف، ويسعنا الحديث عن اللبنة التي جعلت من عقل نيوتن حراً في التساؤل عن كل شيء في الطبيعة وتقويم الإجابات وفق منهج عقلاني بسيط ما مكنه من صياغة عدة نظريات بشأن القوى والجاذبية والوقت و(التفاضل والتكامل) وعلاقة الزمن بالأجسام، من هنا تظهر أهمية الفلسفة في العقل العلمي. أما السؤال الذي ظل يلازمنا طويلاً، متى تستيقظ العقول من صلفها الذي تدعيه؟ وتدرك أن العلم ناقص والفلسفة مكملة له، لا توهم الطالب بأن عليه التوقف عند هذا المنهج دون أن يضيف شيئاً للعالم – فالعالم يحتاج جهده كفرد مستقل- وهذا لا يمكن إيصاله إلا عن طريق الفلسفات المختلفة، فمن الطبيعي أن يشعر الطالب بأن الأمور مستنفدة سلفا بمعنى أنها ثابتة ومقضية وكاملة ولا تحتاج إلى إضافاته. إن المجتمعات الإنسانية بحاجة ماسة لمواجهة كثافة الحاضر وخاصة في الشرق الأوسط وتطوير التعليم. فقد أدرك نيوتن حاجة العقل لكثير مما يجهله في الحقيقة، عندما قال: (إنني قصير القامة ولكنني أقف على أكتاف العمالقة)، فالحقل المعرفي ترك لهم موروثاً ليستخدموه في تغيير وجهة الحياة، والفلسفة تخلق مسارات شتى وللعلم أن يختار المسار الذي يرى جدواه في الوصول إلى الحقيقة المطلوبة، قد يوجد فيلسوف بدون عقل علمي ولكن لا نجد عالماً لا يملك عقلا فلسفيا يمكنه طرح الاحتمالات وملاحقة الدليل. إن الاكتشاف العلمي لا يقتصر على القانون الرياضي أو الفيزيائي إنما هو محصلة لعدة فلسفات وطرق، وتأثير الاكتشاف العلمي لا يقف عند العالم نفسه بل يمتد ليصبح سلوكاً ونظرة مغايرة للحياة برمتها. وقد قدم لنا التاريخ تغيرات كبرى في التصور الفلسفي لمعنى القوانين الوضعية حسب نظرية نيوتن ودوران الكواكب حول الشمس وليس الأرض، إضافة لقصة التفاحة الشهيرة ومربع الجاذبية، وقبل ذلك اكتشف الضوء لقياس الزوايا واستخدامه في الأنماط الرياضية وتوحيد قوانين الحركة في الفيزياء هنا نستطيع القول إن العلم اقترن بالفلسفة. ونجزم هنا أن الأمر يحتاج إلى مراجعة جذرية لتصحيح المنتج التعليمي لإكمال الفراغات في العلوم لتحمله إلى الفضاء الفسيح، عوضاً عن خطر الانغلاق والظلمة من زحمة الأحداث الإرهابية المتطرفة التي أسقطت كثيرا من النفوس اليانعة في فخ التشدد، ولم تتبيّن الفارق بين الأمر الجلل العظيم، والحدث الطارئ.

مشاركة :