طرحتُ سؤالا على عُشاق الإعلام والمتابعين لوسائله المختلفة عبر مجالس الناس.. هل أثرت الإذاعة والتلفزيون على السينما وهو سؤال تقليدي؟.. وهل اختفت أمام شاشة التلفزيون، ولقد تباينت الآراء وفي مجملها تُؤكد أن السينما باقية ما بقي الزمن برسالتها في المجتمعات.. ونفس الجولة والطرح يتكرر، ما أثر الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي على الصحافة الورقية؟ ولكي نكون عادلين في الإجابة حاولتُ الالتقاء بمُثقفي كليات الإعلام، وشباب الإعلام الجديد وتحاورنا مُطولاً حول النتائج.. فكانت الإجابة متباينة والآراء مختلفة ولم يصل الكل إلى رأيٍ، ومع هذا أنْقل لكم جدلية ما يطرحُهُ بعض المثُقفين في الصفحات الأدبية مثلاً حول هذه المواضيع، فأول نجاح تسجلهُ الصحافة الورقية أنها البيت الأول لكل مُثقف وصاحب المنبر وكاتب الرأي، إذْ لهم مساحة التعبير مفتوحة عند إطلاق الرأي وسقف الكتابة والمتابعة على مختلف شرائح المجتمع حتى من غير مجُيدي النت والتقنية، وهنا أيضاً يسجل موقف تفوق من نوع آخر أمام أجهزة التواصل التي أشغلت الرأي العام وأصبح كل مواطن صحافي وإعلامي لكنه على نطاق ضيق، فيما أجبرت أنظمة الرقابة هروب كثيرين إلى هذه المساحة التي أعلنت صوت المنادين بتفوق الإعلام الإلكتروني على نظيره الورقي، وهنا رَغبتُ أن يتعرف القارئ على اللانهاية لمثل هذه المفارقات، وهو ما أُقَحمَ المقال حوله لإبراز جهد الصحافة الإلكترونية بأساليبها وتنوع صفحاتها ومواضيعها والمساحة المتُاحة للكاتب التي تُعطى له أو للحوار الذي يفسح أمامه العدد بما لا يتحقق لأي شبكة تواصلية أو صحيفة إلكترونية، وهو الذي ميز بقوة تفوق الصحف الورقية أمام الإعلام الجديد. ولعلي أذكر بعض الأسباب التي لا تؤهل إعلام التواصل ليكون في مقدمة الصحافة فأعداد الكلمات محصورة، والأحرف معدودة، فهل هذا يسوغ لصاحب الرأي أن ينتصَرَ لرأيه إذ لا يُشكُ أن أي كاتب رأي يستطيع نشر مقالته بالعرض والطول والمساحة التي يَسيل معها قلمه ويؤتي المقال ثماره ورسالته وموعده ومكانه الثابت مع قارئه المفضل لمتابعته، وعند هذا الأمر يتبادر إلى ذهن النصير للصحافة الورقية أن يفخر بهذه الميزة التي لا تتحقق للشبكة العنكبوتية الذي يتحرك فيها حسب المساحة وضيق المكان واختلاف حجم الخط وتغير مكان المقال، وهذه ميزة أخرى تُحققها الصُحف، ولا يمكن الجزم بتحقيقها في التواصل، وهناك إضافة تسجل للصحافة السيارة غير الإلكترونية وهي الموعد المضروب مع الكاتب وزاويته وثبات مكانه وحرية القراءة المرئية دون عناء أو بحث أو موقع يختار.. ألا يكفي هذا تفوقاً على ما نحن بصدده من تقدم الصحافة الورقية على كافة الوسائل في إعلام اليوم الجديد رغم سُرعته وخفته وقلة المصداقية فيه، والميزة الأهم اليوم هي المحصلة النهائية لريع الإعلام التجاري المرافق لكل صحيفة ورقية لا تحققها وسائل الاتصال الاجتماعي نظراً للمكانة التي حظيت بها أمام القراء على مر عقود من الزمن تجعلها في المقدمة دون غيرها.. ولكم أن تحكموا بعد هذا أيها القراء.
مشاركة :