كل رئيس تحريـر مطبوعة، وكل صحفي وكاتب ومعلق ومحلل يجتهد (في نشر الأخبار والتحقيقات والتقاريـر والتحليلات والتعليقات الصحفية).. يجتهـد كل منهم في أن يكون موضوعيا، ولكن.. • هل حقيقة يمكن لأي صحفي أن يكون موضوعيا فيما ينشره بما تعنيه مفردة (موضوعية)؟ • إلى أي حد تلعب الذاتية أو وجهـة النظر الشخصية دورا في أداء الصحفي ؟ للإجابة على هذين السؤالين.. يحسن بي أن أنطلق من تعريف الموضوعية، والفـرق بينها وبين «الذاتية» . • الموضوعيـة: التجـرد في الرأي والحياديـة في الموقف، وذكر الحقيقة كما وقعت حرفيا دون زيادة أو نقصان، ودون تأويل أو تفسير، بل دون تأثـر برؤية شخصية أو مشاعر خاصة. لذلك ارتبطت الموضوعية بالحقيقة ارتباطا وثيقا. فالصحـفي ــ إن أراد ــ أن يكون موضوعيا ــ لابد أن يتخذ الحقيقة شعارا، والمصداقية عنوانا، وأن يستند في مادتـه الصحفيـة على العقل والمنطق. • الذاتية : آراء الشخص وأفكاره الخاصة وانفعالاته الداخلية . وتحدث الذاتيه عند الصحفي حين تمتـزج رؤيته الشخصية في الخبر فتنعكس عليه ميوله وعقيدتـه ومبادئـه وثقافته. لذلك فالصحفي الذاتي شخص عاطفي وجداني يستعين بمشاعره وأحاسيسه وانفعلاته. نعود إلى السؤال : إلى أي حد يمكن تطبيق الموضوعية في الصحافة. • لا يمكن بأي حال تطبيق الموضوعية كاملة في الصحافة.. ذلك أنه لا موضوعية مطلقة، ولا ذاتية مطلقة.. بل لا موضوعية بدون ذاتية، فالاثنتان في بوتقة واحدة (أي في خبر واحد).. ومهما أراد الصحفي أن يكتب أو ينقل الخبر بموضوعية، فلا مفـر من تأثـير الخبر بثقافته وهويته (بقصد أو بغير قصد). ومهما بلـغ حرص الصحفي على أن يكون موضوعيا في فصل الخبر عن الرأي.. فإن عواطفه الداخلية ورؤيته الذاتية تتمثل في الخبر.. حتى نكاد نجزم أنه لا يصاغ خبر أو تقريـر أو موضوع صحفي.. إلا وتنساب إليه وجهة نظر الصحفي، وتمتـزج به أفكاره وآراؤه ومبادؤه، وتتسلل إليه مشاعره الإنسانية وأحاسيسه الذاتية (بإرادة أو دون إرادة). لنستنبط ــ إذن ــ أن الصحفي في موضوعيته لا مناص من انحيازه إلى ذاته.. بنسبة ما (شئنا أم أبينا )!... فهل من معارض؟.
مشاركة :