كاتب بريطاني: أردوغان يسير وحيداً في طريق مدمر نحو النهاية

  • 7/24/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحدث الكاتب البريطاني، سيمون تيسدال، عن فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو المعروف بأنه "الرجل القوي"، في إخفاء شعوره بعدم الأمان، حيث يبدو متوتراً بشكل غير عادي في هذه الأيام، وهو ما ظهر جلياً في خطاب قام بإلقائه الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى الثالثة لمحاولة انقلاب فاشلة، حسب ما ذكره الكاتب في مقاله في صحيفة "ذا غارديان". ويقول الكاتب إن أردوغان يستخدم صلاحياته الشاملة كرئيس تنفيذي لبناء "تركيا جديدة"، ولكن يبدو أن تركيا القديمة بدأت تشعر بالتعب من سياساته سريعاً. وقال أردوغان في خطابه "كان الخامس عشر من يوليو محاولة لإخضاع أمتنا للعبودية، ولكن بقدر ما لن نتوقف أبدًا عن حماية حريتنا ومستقبلنا، فإن أولئك الذين يضعون الفخاخ لنا لن يتوقفوا عن بذل جهودهم". ويصف سيمون تيسدال أن ما قاله أردوغان يمثل خطوة نموذجية، تمزج القومية مع قصص مرعبة من أعداء سريين أجانب وأتراك. ويتابع لا يزال أردوغان مقتنعاً بأن أعداءه جاهزون للإطباق عليه، وعلى غرار جميع الديكتاتوريين، فهو يربط بين آفاقه الشخصية وتوقعات الدولة. غياهب السجون ويمضي الكاتب بالقول "إن أحدث الأشرار في هذه الدراما المتمحورة حول الذات هم الحلفاء الأميركيون والأوروبيون الذين يسعون، إلى إخضاعه والأمة التركية التي تعلو فى عزة. ولكن للحرية مفهوم مرن في تركيا أردوغان، حيث ألقى فى غياهب السجون عشرات الآلاف من المتآمرين المفترضين، في انتظار المحاكمة منذ عام 2016. كما جرى إيقاف أو فصل أكثر من 100000 موظف في القطاع العام. وسبق ذكرى الانقلاب عملية تطهير أخرى، حيث تم توجيه اتهامات بالخيانة لأكثر من 200 من الأفراد العسكريين والمدنيين". ويؤكد الكاتب في مقاله أن القلق يتركز بشكل خاص على نظام العدالة في تركيا، حيث أشارت جمعية القانون البريطانية إلى "الاضطهاد واسع النطاق والمنهجي لأعضاء الهيئات القضائية"، وقامت بتقديم بلاغ إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول ما يدور في تركيا. كما تعرض الصحافيين لترهيب مماثل. فيما تنطق معظم وسائل الإعلام التركية حالياً بما يرضي توجه الحكومة. ويقول الكاتب "يتوافر لدى أردوغان سبب وجيه للقلق، ولكن السبب الحقيقي قد يكون أكبر ببساطة، حيث إنه قام بارتكاب أعمال مخيفة خلال 16 عامًا متتالية في السلطة، حيث دفع بالاقتصاد إلى حالة ديون مزمنة، ولعب دور الوسيط الإقليمي في تحقيق نتائج فوضوية، وجعل الأكراد كبش فداء لإحباطاته والآن فإن الكمبيالة أصبحت مستحقة السداد". ويؤكد سيمون تيسدول أن تركيا لا تزال في حالة ركود بعد أزمة الليرة المأساوية التي وقعت العام الماضي، وسط مخاوف من حدوث أزمة مالية جديدة وشيكة، فيما يزداد ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وتتباطأ الأعمال التجارية. وقال "كان قرار أردوغان بإقالة محافظ البنك المركزي مؤخرا بمثابة علامة على أنه سيواصل تنفيذ استراتيجيته المشكوك فيها والمتمثلة في تحفيز النمو بأموال مقترضة". قبضة أردوغان مهددة ويرى الكاتب أنه ولأول مرة منذ سنوات، فإن قبضة أردوغان السياسية باتت مهددة، لقد عانى حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان من خسائر الانتخابات المحلية في 5 من أكبر 6 مدن في مارس. وتعرض للإهانة مرة أخرى في الشهر الماضي عند إعادة التصويت في الانتخابات البلدية بإسطنبول. كما أن احتكاره للسلطة يجعل من الصعب تحميل المسؤولية لآخرين". ويتابع سيمون تيسدال في مقاله "تعتبر الشؤون الخارجية لتركيا منطقة كارثية أخرى. لقد سجل أردوغان هدفين رائعين في الأسبوع الماضي، حيث انخرط مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي في مشاكل في غضون بضعة أيام. ففي قضية واشنطن، كان الخلاف حول قرار تركيا، عضو الناتو، بشراء نظام صواريخ أرض جو روسي. ويشير بعض المحللين إلى أن أردوغان أراد إظهار استقلال تركيا. فيما يرى آخرون أنه يرجع إلى جنون العظمة". أضرار لا يمكن إصلاحها ومهما كانت دوافع أردوغان، فقد دفع الإصرار على شراء الصواريخ الروسية، الولايات المتحدة إلى إلغاء صفقة بيع مقاتلات F-35 لتركيا والتهديد بفرض مزيد من العقوبات ضد أنقرة. وتبلغ تكلفة صناعة الدفاع التركية، التي كانت ستقوم بإنتاج بعض مكونات المقاتلات نحو 9 مليارات دولار. ولا تزال الخسارة الأكبر، على الأرجح، هي ما سيتكبدها الناتو. وحذرت وزارة الخارجية التركية في أنقرة الأسبوع الماضي من أنه "ستلحق أضرار لا يمكن إصلاحها". ومضي سيمون تيسدال في مقاله بالقول "كما شهدت علاقات أردوغان المتوترة دائمًا مع الاتحاد الأوربي، والتي توترت بسبب أزمة اللاجئين السوريين، تمزقاً متزامناً. بعد أن تجاهلت أنقرة التحذيرات القبرصية بعدم التنقيب عن النفط والغاز في مياه شرق البحر المتوسط، التي تؤكد نيقوسيا أنها خاصة بها، حيث فرض وزراء خارجية الاتحاد الأوربي المزيد من العقوبات ضد تركيا". ويتابع "لقد سقط أردوغان، الذي اشتهر بالصراع مع العديد من الجيران الإقليميين على مر السنين، بما في ذلك سوريا ومصر وإسرائيل والسعودية، ناهيك عن اليونان، ومع ذلك، يزعم أنصار أردوغان أنها جزء من خطة مدروسة لتعزيز مكانة تركيا المستقلة في العالم". تقارب لافت للنظر ويضيف أيضاً "بناءً على هذا التحليل، فإن تقارب أردوغان مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يلفت انتباه الولايات المتحدة إلى أن تركيا لديها بدائل استراتيجية يمكن أن تساعد الاقتصاد، الذي يحتاج إلى التجارة والسياحة الروسية، كما يتماشى مع أهداف سياسة أنقرة في سوريا حيث تعاونت تركيا مع روسيا وإيران، على الرغم من كونها على طرفي نقيض". وبحسب رأي الكاتب، هذا الميل الواضح تجاه موسكو قد يثبت سوء تقدير كبير آخر، ويقول أردوغان إنه يريد أن يبقى على صداقته مع الولايات المتحدة، وأن يكون جزءًا من حلف الناتو، لكنه أثار شكوكًا شديدة بشأن مصداقيته. وفي هذه الأثناء، بدأت قوات النظام الروسية والسورية هجومًا ضد الفصائل المسلحة في محافظات إدلب وحلب وحماة، في شمال غربي سوريا. ويتعارض هذا الهجوم مع وقف إطلاق النار المتفق عليه مع أردوغان في سبتمبر الماضي، والذي أقام منطقة منزوعة السلاح داخل سوريا تحت إشراف تركي كما تعرضت قواتها لهجوم في حادثين منفصلين في مايو. وتهدف روسيا وسوريا إلى إنهاء الحرب الأهلية أخيرًا من خلال اقتحام مناطق المعارضة الأخيرة، ويهدف أردوغان إلى توسيع "المناطق الآمنة"، التي تسيطر عليها تركيا شرقاً على طول الحدود التركية السورية من أجل كبح "الإرهابيين" الأكراد، ومنع الهجرة الجماعية للاجئين الآخرين، ولكن تبدو هذه الأهداف غير متوافقة بشكل متزايد. ويختم الكاتب مقاله بالقول "بينما هو على خلاف مع الولايات المتحدة وأوروبا وجيرانه العرب، وربما روسيا، فضلاً عن سياسته التي تحظى برفض متزايد في الداخل، يمشي أردوغان وحيداً على طريق مدمّر نحو نهاية مسدودة استراتيجيا وسياسيا، والسؤال الذي يلوح في الأفق هو ما إذا كان سيدفع تركيا معه إلى تلك النهاية؟".

مشاركة :