عندما ترتكب إسرائيل جرائم حرب وتقوم بانتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان الفلسطيني والتنكر لقرارات الشرعية الدولية على مدى 67 عامًا بلا انقطاع ودون محاسبة أو عقاب من المجتمع الدولي أو حتى توجيه اللوم لها على أي مستوى ، فإنه يبدو من غير المستغرب أن تعبر عن قلقها وامتعاضها من جراء إعلان المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية عن فتح تحقيق أولي في ادعاءات بجرائم حرب قامت بها إسرائيل خلال العدوان الغاشم على غزة. هذا القلق والامتعاض الذي وصل إلى حد الهستيريا تمثل في وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هكذا تحقيق بأنه منافٍ للعقل وأنه يتعارض مع الأسباب التي أنشئت المحكمة من أجلها ! وأيضًا في تهديد وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان بحل محكمة الجرائم الدولية وكأنه يمتلك هذه السلطة وذلك التخويل !.. لكن ما يدعو إلى الاستغراب أن تعبر واشنطن عن غضبها من هذا القرار الذي جاء قبل الانضمام الفعلي لدولة فلسطين لعضوية هذه المحكمة بثلاثة أشهر بوصفها قرار المدعية العامة للمحكمة الدولية بأنه "تراجيديا هزلية". من السهل معرفة سبب هذا القلق الإسرائيلي – الأمريكي المتزايد من يقظة الضمير الدولي وانخراط الفلسطينيين في هذا النوع من المقاومة غير المسبوق ، لاسيما وأنه لن يكون من الصعب على محكمة هاج إدانة الجرائم الإسرائيلية التي سيتعذر على واشنطن توفير الحماية لإسرائيل في حالة إدانة المحكمة لإسرائيل لارتكابها لتلك الجرائم التي شاهدها العالم كله من خلال القنوات الفضائية ، لأنه باختصار لا يوجد فيتو في تلك المحكمة. كما أن إدانة إسرائيل في هذه الحرب ،يعني أنه لن يكون في وسعها شن حرب جديدة على غزة ، إلى جانب أن المسؤولين عن مجزرة غزة التي ارتكبتها إسرائيل الصيف الماضي والذين لابد وأن تصدر في حقهم مذكرات توقيف ، لن يكون في وسعهم السفر إلى الخارج خشية إلقاء القبض عليهم ، ولنا أن نتذكر بهذا الصدد إلغاء تسيبني ليفني - وزير الخارجية آنذاك - زيارة كانت مقررة لها للندن شتاء العام 2009 على إثر إصدار قاضٍ بريطاني مذكرة توقيف بحقها بتهمة ارتكابها جرائم حرب خلال حرب غزة الثانية (2008-2009) خشية إلقاء القبض عليها في مطار هيثرو. ليس من الصعب التكهن بأن عام 2015 سيكون عامًا مهمًا، وربما حاسمًا - للفلسطينيين والإسرائيليين . وحسب توقعات الخبراء الإسرائيليين ، ووفق ماذكرته افتتاحية هآرتس أمس ، فإن العديد من المؤشرات تدل على أن العام 2015 سيكون عام شر على إسرائيل ، وانه ليس هناك طريقة لمعرفة من أين سيأتي هذا الشر الذي يعتبر قرار الجنائية الدولية أحد مؤشراته الأولى ، فربما يأتي من الضفة الغربية قبل غزة ، وربما العكس ، ولكن ما هو واضح حتى الآن ، أن عقد الهدوء الذي عاشته إسرائيل أصبح على وشك الانتهاء. حان الوقت لإسرائيل لأن تدرك الآن أنها ليست الجهة المخولة بالحكم على أهلية محكمة الجنايات الدولية وتوجيه الاتهامات إليها لاسيما في ظل وضعها الحالي كدولة تمارس الاحتلال والاستيطان وقتل الأبرياء وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها وممارسات وانتهاكات أخرى لا تعد ولا تحصى بدءًا من تغيير معالم القدس وتهويدها والعبث بالمقدسات الإسلامية والمسيحية وليس نهاية بقطع الأشجار وسرقة المياه والآثار والتراث الفلسطيني.
مشاركة :