صنع في الهند - أيمن الحماد

  • 1/20/2015
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

يجب أن نعرف بأن اقتصادَي الهند والصين كانا يشكلان نسبة 80% من الاقتصاد العالمي طوال ال 18 قرناً الماضية وحتى الثورة الصناعية. هذان البلدان اليوم يسهمان بشكل أساسي في هذا الاقتصاد، وإن بدت الهند بدرجة أقل عن نظيرتها الصين. لكن دلهي لا تزال تسعى بشكل دؤوب للإيفاء بتطلعات من حولها كقوة اقتصادية تنموية حقيقية. وفي واقع الأمر شهدت الهند تراجعاً في مستويات النمو بشكل يوحي بالتشكك حول قدرتها بأن تكون رقماً صعباً في المعادلة التنموية العالمية؛ إن هي استمرت في حالة التراجع التي نراها، وهو ما دفع بالناخب الهندي لأن يختار شخصية نجحت في تحقيق قفزة اقتصادية لولاية "غوجرات"، ليقوم بذلك على مستوى البلاد، وأعني هنا رئيس الوزراء ناريدرا مودي الذي لا يكف عن الترويج لشعار "صنع في الهند". ولا غرابة في ذلك فثروة "غوجرات" أتت من الصناعات بدءاً من الذهب والحليّ إلى البترول، لكن هل تحقيق ذلك ممكن؟ بالطبع نعم، فالهند إحدى أكثر الدول غنى بالموارد البشرية والطبيعية والقدرات التصنيعية. وهي اليوم تحاول أن تنهض بعد أن أصاب الركود والترهل نظامها الاقتصادي الذي نشط خلال السنوات العشر الماضية بعد سعي من رئيس وزرائها السابق أستاذ الاقتصاد مانموهان سينغ لتصبح أحد الأرقام الصعبة، لكن يبدو أن المشاكل البيروقراطية والفساد قد أثقلت كاهل هذا الرجل الذي بلغ عامه الثاني والثمانين ليغادر أواخر العام الماضي بعد عشر سنوات في كرسي الوزارة الأول، ولكي يمنى حزبه (المؤتمر الوطني) بهزيمة ساحقة في الانتخابات التي أوصلت ناريندرا مودي (64 عاماً) إلى منصب رئيس الوزراء بعد أن اعتلى المنصب كرئيس وزراء ولاية "غوجرات". ومن لا يعرف هذه الولاية فهي أكثر المناطق غنى في الهند بل إن متوسط الفرد فيها قد تجاوز معدل المستوى الوطني. تبدو الهند اليوم راغبة في الاستيقاظ من سباتها فها هي تغير زعامتها السياسية، وتبدو متطلعة لنهوض اقتصادي، وتحاول إصلاح صورتها أمام العالم معلنة عن وصول مركبتها الفضائية "مانغاليان" إلى "كوكب المريخ"، بعد أن شعرت بالتراجع على المستوى الاقتصادي والسياسي ولصالح من؟ لصالح الصين عدو الأمس وصديق اليوم، وفي الوقت الذي تشكو بكين من أعراض "تخمة" تنموية، بدأت تتضح من أرقام معدلات النمو المتباطئة. يتطلب من الهند اليوم أخذ زمام المبادرة والصعود والحفاظ على حركة التنمية الآسيوية، لاسيما في مجال النفط الذي يشهد انخفاضاً سعرياً على وقع انخفاض الطلب الصيني. القدرة الابتكارية للهند تخولها لدور رياديّ في كبرى قارات العالم، إذ استطاعت في فترة عقدين من الزمن أن تصنع أرضية متينة للابتكار والتكنولوجيا، على رغم القدرات المالية المحدودة من خلال تشجيع الصناعات البرمجية وتخصيصها، وأن تنهض وتنافس على المستوى الغربي وأن تقود كذلك في هذا المجال، متخطية الصين التي حذت حذو اليابان واتبعت أسلوب التقليد والمحاكاة. العزم على الحضور السياسي في الشأن الدولي هو الآخر تحتاج له الهند، وهي التي خبت خلال السنوات الخمس الأخيرة، ولم تستطع الاضطلاع بمسؤوليتها تجاه الأحداث الإقليمية، لا سيما في أكثر المناطق حيوية وأكثرها ارتباطاً من الناحية التاريخية، وأعني هنا أحداث الربيع العربي. ما مكن الصين من التواجد وتسجيل حضورها وإن بدا ذلك الحضور باهتاً ودون طعمٍ أو رائحة.

مشاركة :