يقولون لك: (ابتعد عن الضغوط)! كلمة يتداولها الناس في هذا الزمن، الذي قسا فيه كل شيء.. واضطرب فيه كل شيء.. ولم يسلم من قسوته شيء! من حقك أن تضحك أو تبكي منهم - أو حتى من نفسك - على حال إنسانية اليوم التي فقدت اتجاهاتها الأصلية والفرعية، واختلط فيها العقل (بالمهلبية)، وذهبت بها الرياح كل مذهب تبحث في الهوجة والطوشة عن ملاذ آمن! كيف تبتعد عن الضغوط وهي تلاحقك بأخبار الحروب والحديد والنار وأسلحة الدمار؟! ثم تقول لي بعد هذا كله: أين الطرافة في حروفي الضاحكة.. وتريدني أن ابتسم وأعيد إليك البسمة التي اعتدت عليها؟! قد تكون محقًا يا عزيزي الطيب.. لكنك تخرجني بخيالك من حياة كل ما فيها ومن فيها يركض ويحرّض على الركض في رحلة هروب بلا هدف. تظنني أعيش في كوكب آخر، بعيدًا عن هذا الكوكب الملتهب بسعار الرغبة المحمومة في امتلاك كل شيء، والاستحواذ على كل شيء، بمكيافيللية بشعة! من قال لك إنني أعز النكد؟! من قال إنني أتأبط الغلاسة والكآبة؟! من قال لك - أو لسواك - إنني لا أحب أن أضحك وأمرح وأفرح؟! تذكّر أنني أنا من قال لك ولغيرك من قرائي الذين كنت أسعد بهم حولي هنا في هذه الصحيفة: «إذا حجزت لك الايام موعدًا مع الفرح فسابق الفجر إليه.. إن قطار الفرح لا ينتظر أحدًا»! وأنا أيضًا الذي كتب هنا بالبنط العريض يومًا: «كلّم نفسك.. واضحك للمراية».. وهو كلام مجانين، نأخذ الحكمة من أفواههم.. إنهم طيبون يا عزيزي.. لم يفكروا في تدمير حياة الناس.. ضحكوا من أنفسهم وأضحكوا الناس.. مساكين المجانين.. عذرهم الله لكن الناس لا يعذرون!
مشاركة :