في منتصف الليل دق جرس الهاتف الجوال، واستيقظت من النوم، قالوا لي نحن إمارة الرياض، وسمو الأمير سلمان، أمير الرياض، يريد أن يتحدث إليك، كنت في نيويورك في مهمة، عمل، واختلاف التوقيت تسبب في هذه المفارقة في التوقيت، قال سموه: قرأت مقالاً لك أعجبني، وأحببت أن أنقل لك شكري بنفسي، وعندما تكون في الرياض لابد أن نجلس، شكرته جداً، على تواضعه وكرم أخلاقه، وعدت للنوم، وأنا متعجب من عظمة الشخصية. سبب المكالمة، أنني كتبت عن سموه في مقال سابق، انه الأمير سلمان درس عند الشيخ عبد الله خياط، إمام وخطيب الحرم المكي، رحمه الله، وكان الأمير يريد أن يعطي الشيخ حقه، رغم قسوته عليهم، أثناء التحفيظ، فكان يقف إليه إجلالاً بعد ذلك كلما قابله، أو دخل عليه مكتبه في إمارة الرياض. فشكرني سموه، على اللفتة الكريمة، وقصة الحوار حدثت قبل عام 2010 عندما كان لايزال أميراً للرياض. الملك سلمان بن عبد العزيز، هو أحد أهم أركان العائلة المالكة السعودية، إذ هو أمين سر العائلة ورئيس مجلسها، والمستشار الشخصي لملوك المملكة، وبدأ حياته في السياسة، منذ سن يافعة، وتدرج في المناصب، من الإمارة، إلى الوزارة، إلى ولاية العهد، وأخيراً ملك المملكة، فقد تسلم إمارة الرياض وعمره 19 سنة، منذ عام 1955، ومن يرَ الرياض اليوم فسوف يعلم كم كان فضل الخطط الإستراتيجية المتدرجة التي وضعها سموه، عبر الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تؤتي ثمارها تدريجياً. في اللقاء الذي حصل مع سموه في مكتبه العامر، بإمارة الرياض، حدثني سموه بتطلعاته في التطوير السياسي الممنهج، لأنه يؤمن بأهمية البحث عن طرق (ديمقراطية) تناسب المملكة (المحافظة) ويتبنى نهجاً متدرجاً في الإصلاح الاجتماعي والثقافي، وأن الإصلاحات، يجب أن تمضي ببطء حتى يستوعبها الناس، وأعتقد أن هذه الحكمة المتأنية، قد انعكست في كثير من التطور السياسي الذي مرت به المملكة. #القيادة_نتائج_لا_أقوال تأسس مجلس الشورى، بعدد 60 عضواً فقط، وبعد ذلك أصبح الأعضاء 90، والدورة الثالثة 120، والدورة الرابعة 150، والدورة الخامسة استبدل ثلث الأعضاء بالسيدات، فهل هناك تدرج وصبر ونضج أكثر من ذلك؟.