من يخاف مدينة النحاس بين رف الكتب

  • 11/25/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أكثر من 50 عاما قضاها الشاعر العراقي فوزي كريم في كتابة الشعر والنقد الأدبي والموسيقي والتشكيلي، ها هو يطرق باب الرواية مُقدماً لنا روايته الأولى "من يخاف مدينة النحاس" وهو في سنته الثالثة والسبعبن. تحكي الرواية، الصارة مؤخرا عن منشورات المتوسط في إيطاليا، عن هوس مطاردة الذكريات المتعلقة بالكتب، هوس مدينة قرأت عنها ولم تفارق مخيلتك، وانجبت في داخلك آلاف التصورات الغريبة عنها. بطل الرواية شاب مأسور لسحر الكتاب، طل الرواية، خاصة الكتاب القديم. وفي احدى المرات يقع في كتاب "مروج الذهب" للمسعودي على خبر "مدينة النحاس" في ناحية من نواحي المغرب العربي، فيؤخذ بحكايتها الأسطورية. وفي بحثه عن هذا الخبر في نسخة محققة، موثوقة من كتاب المروج، يقاد إلى ملاحقة الكتاب، حتى في مخطوطاته في "المكتبة الوطنية" في باريس، لكنه في أكثر من مرة يجده وقد عبثت به يد جانية، فلا يُقرأ. هوية إنسانية لا تنتسب لتاريخ بعينه، إلا ما ينطوي عليه هذا التاريخ من سطوة للعقيدة الواحدة على مقدرات الإنسان الأعزل. الإنسان الأعزل هذا يجد مخرجا سحريا في الماضي، عبر الكتاب الذي ينتسب لهذا الماضي. الحاضر كتيبة مسلحة لمحق الكائن، والمستقبل بعد للزمان إيهامي. خبر "مدينة النحاس" يرد على البطل في كتاب "مروج الذهب" عرضا، وإذا به هوة فاغرة تبتلع البطل المحاصر، تلاحقه منذ ذلك اليوم، داخل حلته وفي منفاه. المأزق تاريخي، وميتافيزيقي في آن. الإمام الغجري يسرد الكاتب السوداني عماد البليك في روايته الثامنة "الإمام الغجري"، الصادرة مؤخرا عن دار أطلس للنشر في القاهرة، قصة متخيلة لواحد من أئمة البلاد يجمع بين العمل السياسي والزعامة الدينية، وقد اختفى عن الحياة الاجتماعية والعامة عندما بلغ سن الـ 32 من عمره، في حادثة شكلت لغزًا لنصف قرن من الزمان، إلى أن كشف عنها صحفي في ملف مثير للجدل، وانتهت قصة الصحفي بمقتله، حيث أصبح هذا الملف مصدرًا للصراع بين العديد من الجهات في البلاد. وتتجلى من خلال ملف الصحفي القتيل حقائق خطيرة تتعلق بنسب الإمام وعائلته وسلوك «سفيان النصري» ومعتقده ونشاطه السياسي والتجاري وحتى حياته الخاصة غير تلك الظاهرة للناس، كما يظهر شخصية متنازعة الأهواء والأفكار بما في ذلك الطابع البوذي في فكره، بلمحة سودانية صوفية. تكشف الرواية عن فكرة المخلص الذي ينتظره الكثيرون، في حين أنه اختار حياة أخرى تخصه بعيدًا عن كل التوقعات، وتشير إلى التشظي الذي يكمن في الذات الإنسانية بشكل عام بغض النظر عن موقع الشخص ونفوذه. وتطرح العديد من الأسئلة الصعبة المتعلقة بالواقع السياسي والاجتماعي، وتشكك في أصالة اللوحة التاريخية التي رسمها البعض لنفسه وبعائلته، وتخلخل المسامير التي دُقّت لتثبيتها في عقول البسطاء. بعد الحياة بخطوة يكتب الأردني يحيى القيسي في روايته الجديدة "بعد الحياة بخطوة"، الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عوالم صوفية روحانية تثير لدى القارئ رغبة في تأمل العالم من حوله والمغزى من الحياة. وبجرأة شديدة تعالج الرواية حقيقة الموت التي تؤرق البشر جميعا، ويظهر فيها بطلها وقد طرح المؤلف أمامه خيارات أخرى بعد الموت، مقترحا عليه مواصلة حياته بشكل آخر في عالم مختلف بكل تفاصيله. الرواية تعالج حقيقة الموت التي تؤرق البشر جميعاالرواية تعالج حقيقة الموت التي تؤرق البشر جميعا توجه الرواية رسالة مباشرة للقارئ مفادها أن "الموت ليس نهاية كما هو متداول"، بل "هناك بعد الحياة خطوة"، وهي بداية لحياة جديدة موازية للحياة الأرضية السابقة، وحافلة بالعمل من أجل الترقي لما هو أفضل لعوالم أخرى قادمة، بينما تنتظر أرض أخرى تسمى "الحضيض" أولئك الذين فشلوا على الأرض بسبب أخلاقهم وجرائمهم وطاقاتهم السلبية، وهي حياة قاسية، لا تليق حتى بالحيوانات. تبدأ رحلة بطل الرواية بعد دخوله في غيبوبة نحو شهر من الزمان، إذ يُترك جسده المادي على سرير المستشفى، ويغادر بوعيه الحاد، أو جسده الأثيري، إلى عوالم جديدة ضمن معراج ذاتي يقوده إلى مقابلة من سبقه في الرحيل أو في الموت. ، وهناك تُعرض حياته السابقة أمامه كاملة ليعرف أين أصاب وأين أخطأ في رحلته الأرضية، ويصف بالتفصيل الحياة "الفردوسية" التي يعيشها من يستحقها هناك من الأرواح الراقية، وكيفية مواصلتهم أعمالهم الأرضية السابقة بصورة أخرى مختلفة عن المقاربة المعهودة في المرويات التراثية أو الدينية. بعد الحياة بخطوة يكتب الأردني يحيى القيسي في روايته الجديدة "بعد الحياة بخطوة"، الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عوالم صوفية روحانية تثير لدى القارئ رغبة في تأمل العالم من حوله والمغزى من الحياة. وبجرأة شديدة تعالج الرواية حقيقة الموت التي تؤرق البشر جميعا، ويظهر فيها بطلها وقد طرح المؤلف أمامه خيارات أخرى بعد الموت، مقترحا عليه مواصلة حياته بشكل آخر في عالم مختلف بكل تفاصيله. توجه الرواية رسالة مباشرة للقارئ مفادها أن "الموت ليس نهاية كما هو متداول"، بل "هناك بعد الحياة خطوة"، وهي بداية لحياة جديدة موازية للحياة الأرضية السابقة، وحافلة بالعمل من أجل الترقي لما هو أفضل لعوالم أخرى قادمة، بينما تنتظر أرض أخرى تسمى "الحضيض" أولئك الذين فشلوا على الأرض بسبب أخلاقهم وجرائمهم وطاقاتهم السلبية، وهي حياة قاسية، لا تليق حتى بالحيوانات. تبدأ رحلة بطل الرواية بعد دخوله في غيبوبة نحو شهر من الزمان، إذ يُترك جسده المادي على سرير المستشفى، ويغادر بوعيه الحاد، أو جسده الأثيري، إلى عوالم جديدة ضمن معراج ذاتي يقوده إلى مقابلة من سبقه في الرحيل أو في الموت. ، وهناك تُعرض حياته السابقة أمامه كاملة ليعرف أين أصاب وأين أخطأ في رحلته الأرضية، ويصف بالتفصيل الحياة "الفردوسية" التي يعيشها من يستحقها هناك من الأرواح الراقية، وكيفية مواصلتهم أعمالهم الأرضية السابقة بصورة أخرى مختلفة عن المقاربة المعهودة في المرويات التراثية أو الدينية. عام الفزوع 1864 استوحى الباحث والروائي التونسي حسنين بن عمو أحدث رواياته "عام الفزوع 1864"، الصادرة مؤخرا عن دار نقوش عربية، من حقبة تاريخية تناولتها الكثير من الدراسات، وتناقلها الرواة جيلاً بعد جيل، لكنه أعاد بناءها على نحو تخييلي تمتزج فيه جمالية السرد الروائي بشغف الغوص في التاريخ، مقتفياً رحلة الإنسان بين الأمل والخيبة بحثاً عن التحرر من الاستبداد. وقد أعاد بن عمو إحياء شخصيات تاريخية واقعية، وخلق شخصيات خيالية ليحبك بأسلوب بديع أحداث الرواية، ويجعل القارئ ينغمس فيها بشغف لملاحقة تفاصيل دقيقة للوضع الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات التي تربط المجتمع التونسي في القرن التاسع عشر. تسرد الرواية أحداث العام الفارق في تاريخ تونس، الذي شهد "ثورة العربان" ضد الباي، نتيجة التعسف الجبائي الذي فرضه على أهالي المملكة، ثم قمع هذه الثورة. ، وما تلا ذلك من نتائج كارثية كان لها تأثير فيما بعد على احتلال تونس من قبل الفرنسيين. ويرصد الكاتب بدقّة كبيرة جميع المراحل التي مهّدت لحصول الثورة، وأسباب إجهاضها وتفريق شمل الثوار، قبل أن يستعرض فنون التشفّي والانتقام التي سلّطها الباي على الثوار المستسلمين الذين طلبوا منه الأمان. ولم يفت الكاتب أن يعرّج على الدور الذي لعبه القناصل الأجانب خلال هذه الفترة عبر التدخّل المباشر في شؤون البلاد والتأثير على الصادق باي وحكومته. أرجوحة بلاء تكشف رواية "أرجوحة بلاء"، للكاتب الفلسطيني سعيد الشيخ، الصادرة مؤخرا عن منشورات ألوان عربية في السويد، عن عالم مليء بالقسوة والحرمان والفقد والتشتت والضياع. وتصلح أية قرية أو مدينة في الجغرافيا العربية لأن تكون مسرحا لأحداثها خلال الأعوام الممتدة من الخمسينات إلى السبعينات من القرن الماضي. إنها سردية فجائعية لا تنزاح عن خيط عريض من بلاء يلف حياة زوجين شابين (حميد، وريما)، أحبا بعضهما وهما في دروب القرية منذ طفولتهما الناضجة. ليصطدما بالمجتمع البطريركي الذي يأخذ زمام النظام الخالي من أي منطق، إضافة إلى خلافات الأهل ومسلسل الثأر الذي يربطهما. لكنهما في النهاية يتزوجان بعد أن يشرفا على الموت، من دون موافقة الأهل الذين يجدون أنفسهم في حلّ من تطبيق العادات والتقاليد المتبعة في طقوس الزواج، ويتم نفيهما إلى المدينة ومقاطعتهما، وسط إعلاء خطاب الفضيلة، لكن على أرض الواقع ما من فضيلة يمكن تلمسها، حيث الفساد يستشري، والويل لمن يخرج عن طاعة أولياء الأمر. وبعد عدة سنوات تصدم الزوجين فاجعة أخرى هي عدم الأنجاب. ، دون أن يكون هناك سبب واضح. وهنا تتطور أحداث الرواية بمزيد من مسلسل الخسارات، لتفرض السوداوية نفسها على مجريات الأحداث الآخذة منحى من الضربات في حياة الزوجين، حتى يقوم السؤال بصوت عال مرة، ومرة أخرى داخل النفس "لماذا نحن وحدنا في هذا البلاء؟".

مشاركة :