يحكي Allan Freeman، وBoris Kagariltsky في كتابهما The Politics of Empire. Globalization in Crisis. أن نظام العولمة القادم، والذي تدعو إليه مؤسسات العالم المتقدّم من International Monetary Fund إلى البنك الدولي، إنّما يمهّد لحكم بعض الدول الفائقة الغنى ضحاياها من الدول التي ستزداد فقرًا بسبب العولمة. والتي يقولان إنها السبب في الاطّراد من توسع الفجوة التي تفرق الدول المتقدمة اقتصاديًّا عن المتأخرة. ففي مطلع القرن العشرين كانت الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية ٢٢ إلى ١؛ في عام ١٩٩٧ أصبحت هذه الفجوة ٨٨ إلى ١. أمّا في عام ٢٠٠٠، وبعد أن أنتجت العولمة سوقًا كبيرًا أصبح الفرق ٢٦٧ إلى ١. ويدّعي الكاتبان أن الفارق الاقتصادي كان -ومازال- ينمو حيث يتقدم السوق العالمي، وينحدر دور الدول نتيجة العولمة المجتاحة. ويقولان إن هذا المنحى يكاد يكون من المستحيل عكسه وإعادة الفارق بين الدول إلى ما كانت عليه في السابق. لكن دعاة العولمة يرجحون أن المد في اقتصاديات الدول المتقدمة سيدفع عجلة التقدم في الدول المتأخرة. ولكن اقتصاديات السوق العالمية مدًّا وجزرًا لم تفلحا أبدًا في الحد من الفجوة الاقتصادية والتي تتّسم بالنمو المطّرد. كما أن العولمة لم تحدث بناءً على النمو العضوي للمؤسسات (organic growth of Institutions). بل حدثت بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تلعب دور القيادي هنا. فالمؤسسات فوق الوطنية يدعمها النخب من كل دولة، وهم الذين تزيد العولمة من غناهم على مصالح من دونهم في المجتمعات النامية. وعلى من يدعو إلى الديموقراطية استحضار أن العدل غير ممكن، في وقت تنمو فيه الفجوة الاقتصادية، خاصةً إذا تواهنت الحكومات في مختلف دول العالم كما تتطلب العولمة الكاملة.. فلا يمكن للعولمة إلاّ أن تناقض نفسها في النهاية. ويختلف مع هذا الطرح Jeffery Sachs. في كتابه The End of Poverty. حيث يقول إن الفجوة تتّسع ولكن القيم المطلقة لثروات الدول الفقيرة في تزايد رغم اتساع الفجوة الناتجة من أن الدول الأغنى تصعد في اطّراد بسرعة أكبر من الفقيرة. وSachs من مؤيدي العولمة إذ يرى أن بسببها وبسبب انتشار التقنية تزداد ثروات الجميع. وأنا بدوري أتفق مع طرح الأخير، ولكنني أحب أن أنوّه أن علم النفس ينص أن الناس يحسبون ثرواتهم بالنسبة للآخرين ولا ينظرون إلى ثرواتهم المطلقة. فقد تزيد أموال الفقراء لكن الأغنياء يزيد غناهم بشكل أسرع ممّا يزيد من اتساع الفجوة. فمعنى هذا أن زيادة القيمة المطلقة لمال الفقير قد لا تمنع الثورة العمالية العالمية إذا ما استمرت الفجوة في الاتساع. قد لا يرى الشعوب مصالحهم بشكل منطقي، وقد يتبعون نزعاتهم النفسية للانقلاب. ولهذا أقترح أن تصاحب العولمة التوعية، مساعدة للمحتاجين Security Net، ودعم للمؤسسات القانونية؛ تجنبًا لثورة قد تحدث مع انعدام العدالة القانونية بسبب اتساع الفجوة الاقتصادية.
مشاركة :