أرى أن حرية تكوين الجمعيات وما يصاحبها من حرية في تحديد الهويات قد يساعد على الحد من ظاهرتي التطرّف والإرهاب. ذلك لأن الأصل في العداوة هو مواجهة هويتين أو أكثر لبعضها البعض، فمن ينتمون إلى نفس الهوية يترابطون، ومن بخارج الدائرة يتناحر بعضهم ضد بعض. لكن بموسوع أيّ شخص أن يجمع بين هويات عدة، فهو بريطاني مثلاً أتى من ماليزيا، ويعمل كمحلل مالي، وهو نباتي ... الخ. كلّما تعددت هذه الهويات تجاذبت الإنسان، وقللت من المواجهة بين الأشخاص بهويات مختلفة، ذلك لأن نقاط الاتفاق بين هذه الهويات في رأيي تعظم نقاط الخلاف بينها. ولكن كيف تعزز روح التعددية في الهوية، أرى أن الحرية في تكوين الجمعيات وحرية التعبير عن النفس وحرية التجمع تكاد تكون الباعث الحقيقي للهويات المتعددة. يقول Amatya Sen في كتابه Identity and Violence إن المتطرّفين والإرهابيين يحاولون تعطيل أي هوية مختلفة عن الهوية التي باسمها يحاربون. ودواء ذلك برأيي هو الحرية لخلق التعددية. يسبق الفعل التفكر والذي يتكون من نقطتين الأولى هي تحديد الهويات الخاصة بنا. ومن ثم تفضيل إحداها على الأخرى إذا كان هناك اختلاف في متطلبات الفعل. الحرية تساعد على تحديد الإطار المجتمعي بالتواصل ووضع الهويات ذات الأولوية في ذلك الإطار إلى العمل. ومع الوقت أرى أن الهويات التي بداخلها تضارب كتضارب الروح الإسلامية مع الإرهاب ستأخذ منحى الأقل أهمية من الهويات التي يعزز بعضها بعضًا كالروح الإسلامية والتسامح. فصراع الحضارات الذي تنبأ به Samuel Huntington في كتابه Clash of Civilizations ليس في رأيي من المسلّمات، إذ إن صراع الهويات في داخل كل إنسان هو أقرب إلى الحقيقة. فالحضارة ليست إلاّ مواءمة هوية واحدة لجماعة كبيرة، ولكن كلما زاد عدد المنتمين إلى الجماعة في وجود حرية في التحاور بين مختلف الهويات تغيّرت كينونة الحضارات المتصارعة الى أخرى متوائمة، وزاد عدد النقاط المشتركة بينها مع وجود هويات متشابهة في كل حضارة.. المفتاح هو الحرية.
مشاركة :