خريطة طريق للتنوع الاقتصادي

  • 12/1/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لا يوجد إجماع واضح حول الإجراءات الضرورية لتحقيق التنوع الاقتصادي لأي بلد، ولكن هناك توافق على عدد من المبادئ العامة والأسس بين الاقتصاديين. أولا: الاستثمار بكثافة في البنية التحتية والتقنية والخدمات اللوجستية والطاقة وشبكات الاتصالات؛ ستؤدي كل تلك الإجراءات الاستثمارية إلى خفض تكاليف ممارسة الأعمال على المستثمرين، وستحسن من القدرة التنافسية، وفي الوقت نفسه ستجذب المستثمرين الأجانب إلى الأسواق المحلية. ثانيا: ربط المنتجين بالأسواق الخارجية، وتشجيع الاستثمار في القطاعات غير الجاذبة، من خلال تحسين البيئتين التجارية والتنظيمية، وتوفير طرق ميسرة للوصول إلى التمويل من المصارف التجارية، وشركات التمويل غير المصرفية NBFI، ودعم ريادة الأعمال، وممارسة الأعمال، وتنمية المهارات الوطنية، ثم إن الهدف من دعم قطاعات غير جاذبة خارج الصناعات الاستخراجية يهدف إلى معالجة اختلالات التوظيف في القطاعات غير الاستخراجية. على سبيل المثال، كثير من الدول التي تعتمد على النفط لديها مشكلات في التوظيف خارج قطاعاتها الأساسية. ثالثا: سياسات تحفيزية حكومية، مع قياس أثرها دوريا عن طريق نظام أو مجموعة نظم متنوعة للإعانات والتحفيز، لاسيما في الدول التي لديها فوائض نقدية متولدة من الصناعات الاستخراجية، وتعتبر تشيلي نموذجا مميزا في التحفيز والإعانات والتنوع الاقتصادي. رابعا: تمتين القطاع الخاص عن طريق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لعل معظم الدول الصاعدة اعتمدت بشكل جوهري على الاستثمار الأجنبي المباشر في بناء القطاع الخاص، وبشكل خاص في إنشاء وإدارة الفنادق والخدمات السياحية الكبرى والمباني التجارية الضخمة والأسواق، وفي قطاع التجزئة والصناعات الخفيفة التصديرية غير الاستخراجية. هناك علاقة قوية بين التنوع والنجاح الاقتصادي على المدى الطويل، إلا أن بعض الدول الغنية بالنفط والمواد الاستخراجية متأخرة في التنوع الاقتصادي؛ لذا أرى أن اتباع نهج مكثف في السياسات الضريبية لتنويع الاقتصادي لن يكون مجديا على المدى الطويل، وسيؤدي إلى تراجع الأعمال بشكل ملموس، أما على المدى القصير فيعتبر في غاية الأهمية في مسائل الاستقرار الاقتصادي الكلي والانضباط المالي، ويمكن استخدام المنهج الضريبي مستقبلا كأداة من أدوات التحفيز الاستثماري لبعض القطاعات، من خلال الإعفاء أو التخفيف، لاسيما في اقتصادات منطقة الخليج، التي تعتمد على النفط والغاز، ويمكن استخدام عوائد الضرائب في تمويل التنوع الاقتصادي على المدى المتوسط لفترات زمنية تراوح بين خمس وسبع سنوات، ويعتبر خيارا مثاليا في حال وجود عرض نقدي مرتفع. في واقع الأمر، نحن في حاجة إلى وضع سياسات اقتصادية توجيهية عليا، تحكم عمل المسؤولين في الاقتصاد والعمل والنقد والمالية والتجارة الخارجية والتجارة الداخلية والتعليم والتدريب، يهدف هذا الإجراء إلى منع المؤسسات الحكومية عن الميل إلى تكرار الأخطاء السابقة، ومساعدة المسؤول الأول في المؤسسة الحكومية على فهم اتجاهات السياسة الاقتصادية، مع منحه حرية التنفيذ، ووضع مؤشرات قياس؛ لتطبيق تلك السياسات عن طريق المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة.

مشاركة :